المواضيع الأخيرة
بحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
ديوان الشاعر بدوي الجبل وسيرته الذاتيه اشعار مدح وغزل ذم
منتديات نبع الرومانسية :: المنتديات الادبية, اشعار - قصص - ابوذيات - اشعار عراقية :: اشعار عراقية - قصائد - اشعار الحب - اشعار حزينة
صفحة 1 من اصل 1
ديوان الشاعر بدوي الجبل وسيرته الذاتيه اشعار مدح وغزل ذم
ديوان الشاعر بدوي الجبل
-:السيرة الذاتية:-
بدوي
الجبل هو الشاعر السوري الكبير محمد سليمان الأحمد ابن العلامة الشيخ
سليمان الأحمد (عضواً مجمع اللغة العربية في دمشق و شارح ديوان المكزو)
جده الأكبر (المكزون السنجاري) وهو واحدا من أعلام الشعر العربي في القرن
العشرين. ولد سنة 1900 في قرية ديفة في محافظة اللاذقية بسوريا، و"بدوي
الجبل" لقب أطلقه عليه المرحوم (يوسف العيسى) صاحب جريدة "ألف باء"
الدمشقية في العشرينات. إنغمس بدوي الجبل في حقل السياسة فأنتخب نائباً في
مجلس الشعب السوري 1937 وأعيد انتخابه عدة مرات ثم تولى عدة وزارات منها
الصحة 1954 والدعاية والأنباء. غادر سوريا 1956 متنقلاً بين لبنان وتركيا
و تونس قبل أن يستقر في سويسرا. عاد إلى سوريا 1962 حتى توفي يوم 19 أغسطس
سنة 1981. كان من أنصار الرئيس القوتلي، مدح الفرنسيين ثم ذمهم، هاجم حزب
البعث أثناء هزيمة حزيران كما أشاد بأبطال سوريين مثل ابراهيم هنانو و
يوسف العظمة .. وقد سطر أروع وابدع القصائد.
شعره
يمثل شعر بدوي الجبل السقف الأعلى في الشعر الكلاسيكي من حيث حقق التوازن
بين الخيال والفكرة، من الناحية الروحية تأثر شعرياً بجده المكزون حيث
إنعكست بعض الإشارات الصوفية في ثنايا شعره، شعره السياسي المقاوم
للإستعمار الفرنسي يصلح اليوم لمقاومة الإستعمار الغربي، تغنى في شعره
بحضارة الأمويين معتزاً بعروبتهم وتغنى بدمشق ومنها قوله عن دمشق:
بنت مروان إصطفاها ربها لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
شعره الجميل دليل على أن الشعر العربي مطبوع وليس مصنوعاً إلاّ لدى
الشعراء المتكلفين، وبدوي الجبل علم في عالم الشعر العربي قصائده الجميلة
فذة تفيض بالمعاني وجمال الكلمات.
يعتبر بدوي الجبل والأخطل الصغير وعمر أبو ريشة والجواهري رموز الشعر
الكلاسيكي العربي، ورغم كثرة الدراسات عن شعره حتى الآن لم ينصف بشكل
مناسب فهو مدرسة من مدارس الشعر العربي.
مع أنه ينتمي إلى الطائفة الإسلامية العلوية وربيب بيت ديني عريق في تدينه
إلا أنه تجاوز حدود الطائفة وحلق في سماء الدين الإسلامي الرحب فقال:
مسلمٌ كلما سجدت لربي..................فاح من سجدتي الهدى والعبير
وكان يعتز بعروبته حيث قال:
عربيٌ فلا حماي مباحٌ................عند حقدي ولا دمي مهدور
اجمل قصائده: اللهب القدسي، الكعبة الزهراء، البلبل الغريب، ابتهالات، خالقة، شقراء، حنين الغريب، من وحي الهزيمة.
تأثر بالمتنبي شعرياً حتى قيل انه متنبي القرن العشرين. كتب عنه العضيمي
دراسة تحت عنوان "هذا هو بدوي الجبل" وهي دراسة متحاملة عليه تفتقر إلى
الموضوعية.
________________________
-:الديوان:-
(فطال عليك الليل)
أحبّك حبّا لا تطوف به المنى
عرائس في حلي الملاح العرائس
أحبّك عن يأس و ما حبّ آمل
بأقرب في نجواه من حبّ يائس
و أهمس في سمع النسيم رسالة
فهل دغدغت نهديك من ثغر هامس
رويدك تهفو بي إلى الكأس خطرة
من الذكر مرّت في خيالات هاجس
تعيد لعيني كلّ ما فات و انطوى
و ترفع من بالي كلّ الطلول الدوارس
فالمح في الذكرى غديرا ترفّه
مع البدر أثداء الظباء الأوانس
و نهرا تعرّى البدر فيه كرامة
لبعض القدود العاريات الموائس
و ألمح في الذكرى جنونا و سورة
من الحبّ في تلك الجفون النواعس
فيالك كنزا راح يسخر ربّة
فمتّع من لألائه عين بائس
لقد خنت حتّى لا يغار أخو هوى
أحبّك من وجد طريف ملابس
ففي كلّ غضّ منك آثار قاطف
و في كلّ بضّ منك آثار لامس
فطال عليك الليل تأوي مع الدجى
بجفنيك أشباح الرؤى و الهواجس
________________________
آلام ...
ألفت حرّك لا شكوى و لا سهد
يا جمرة في حنايا الصدر تتّقد
مرّي على كبدي حمراء دامية
يبقى الحنين إذا تسلم الكبد
و ما أضيق بهمّ حين يطرقني
لقد تقاسم حبّي البؤس و الرّغد
إنّي أدلّل آلامي و أمسحها
مسح الشفيق و أجلوها و أنتقد
حتّى تطلّ على الدنيا بزينتها
حسناء تبدو عليها نعمة ودد
بعض الخطوب ظلام لا صباح له
و بعضها الفجر فيه النّور و الرشد
تفجّر الخير منه روضة أنفا
تدعو إلى ظلّها وانين قد جهدوا
إذا هم جرعوا من مائها جرعا
توثّبت عزمات فيهم جدد
و مدلجين أضاء الحزن ليلهم
حتّى إذا انطفأت أحزانهم قعدوا
حادوا عن المحنة الكبرى و لو صحبوا
نيرانها الحمر ما ضلّوا و لا انفردوا
فيم التنكّر للآلام قاسية
إذا تباعد في ميدانها الأمد
ألطالعون على الدنيا بنصرهم
لولا الفواجع هل شدّوا و هل نهدوا
إذا ونوا راح يذكي من عزائمهم
حقد هو العدّة الشهباء و العدد
سقاهم خمرة الآلام فاضطرموا
يستلهمون من الآلام و احتشدوا
أمّا الشعوب و قد ضجّت عواصفها
فصلحب النّصر فيها الثاكل الحرد
لقد تلاقى على الغايات من ظفروا
بالملك في زحمة الدنيا و من حقدوا
إنّ الألى أنكر الأحزان سامرهم
لغو من الناس لا ذموّا و لا حمدوا
إذا تباكوا من البلوى فما عرفوا
حزن المحبّين في البلوى و لا وجدوا
الظامئون و ظنّوا أنّهم ثملوا
و الغائبون و ظنّوا أنّهم شهدوا
***
لا يبعد الله أحبابا فجعت بهم
و ما علالة قلبي بعدما بعدوا
الناشئون علة نعماء مترفة
تقيّلوا الرمل في الصحراء و اتّسدوا
تلك الجسوم التي حزّ الحرير بها
حريرها في العراء الموحش الزرد
صادين للموت إيمانا و موجدة
فكلّما لاح منه منهل وردوا
على الصحاصح هامات معطّرة
و في الرّمال بنان أفردت و يد
في كلّ منزلة قبر تلمّ به
هوج الرّياح و ينأى الأهل و الولد
مشتّتين فمن أجسادهم مزق
على الأديم و من مرّانهم قصد
مصارع بعطور الحقّ زاكية
كأنّما سكبوا فيها اعتقدوا
حنا السراب عليها و هي ظاكئة
حرّى الجوانح لا غمر و لا ثمد
بموحش من رمال البيد منبسط
يضلّ في شاظئيه الصّبر و الجلد
مسحت دمعي من ذكراهم بيد
و أمسكت كبدي ألاّ تذوب يد
***
يا خمرة الحزن هذي الكأس مترعة
للشاربين و هذا الشاعر الغرد
إنّ الندامى على عهد الحبيب بهم
لا جانبوا النّشوة الكبرى و لا زهدوا
لا أوحش الله قلبي من مواجعه
و لا تحوّل عن نعمائها الحسد
و لا شفى الله جرحا في سريرته
نديان ينطف منه الخمر و الشهد
فجّرت قلبي رثاء ما وفين به
حقّ الزعيم قواف كالضحى شرد
الناقلات إلى الأجيال ما ظلموا
من الأباة و ما راعوا و ما اضطهدوا
صلى الاله على قبر يطوف به
كبيت مكة من حجّوا و من قصدوا
أغفى أبو طارق بعد السّهاد به
و خلّف الهمّ و البلوى لمن سهدوا
ضاو من السقم ضجّت في شمائله
عواصف الحقّ و الأمواج و الزبد
إذا أثير نضا عنه مواجعه
كما تفلّت من أشراكه الأسد
يروع في مقلتيه بارق عجب
و عالم عبقريّ السحر منفرد
يغالب البشر أسقاما نزلن به
يأبى له الكبر أن يأسى لها أحد
داء ملح و نفس لا تذلّ له
حرب تكافأ فيها البأس و العدد
تلك البشاشة أبلى الدّاء نضرتها
فراح يلمح في نعمائها الكمد
كالغيم يحجب حسن الشمس طالعة
و ما تحوّل عنها الحسن و الرأد
نعمت منك بساعات معطّرة
كأنّها الحلم دان و هو مبتعد
و صحبة كقديم الرّاح لو جليت
لليائسين حميّا كأسها سعدوا
***
يا خدنة من قراع الدهر دامية
ألا يهدهد من آلامك الأبد
خيل الزعيم تنزّى في شكائمها
ما فاتها قنص في الحيّ أو طرد
عرينة الحقّ في الشهباء منجبة
يروع أنّى التفتّ الظفر و اللّبد
إذا الزعيم تولّى عن شبولتها
حمى الشبولة إخوان له نجد ...
أمّا الشباب فما خانوا رسالته
عند الكفاح و لا حادوا و لا جحدوا
إذا دجت ظلمات اليأس حالكة
شقّ الدجى كوكب من ذكره يقد
حول الزعامة فتيان غطارفة
لا ينقض الدّهر ما شدّوا و ما عقدوا
الساخرون من الأقزام يضحكهم
أن راح يلبس جلد الضيغم النقد
المؤمنون إذا ما بايعوا صدقوا
و الصابرون فإن جدّ الوغى صمدوا
***
سقتهم كفّ إبراهيم صافية
من خمرة الحقّ تروي كلّ من يرد
ففي الدّماء سعير من سلافتها
عجلان يهدأ أحيانا و يتّئد
بين الجوانح إلاّ أنّه أنف
و في الشمائل إلاّ أنّه صيد
أذكى أبو طارق في الشرق جمرتها
حمراء تلتهم الجلّى و تزدرد
إذا ونت و هتفنا باسمه جمحت
تعيد سيرتها الأولى و تطّرد
فذكره الأمل الهادي إذا انتبهوا
و طيفه الحلم الهاني إذا رقدوا
زعامة الحقّ لا شوهاء يرفعها
على الرّمال الهوى و الزور و الفند
***
مالي أرى الفرس الشقراء عارية
على المرابط لا تطغى فتنجرد
آب المغيرون جنّت خيلهم مرحا
و آن أن يستريح الفارس النجد
________________________
أي أمر سآءها ؟
إنّي استعرت من الكواكب في الدّجى لألاءها
و من الغزالة و هي تركع في السماء ضياءها
و من الحمائم في الغصون نواحها و غناءها
و أخذت من نجل العيون فتورها و صفاءها
و من الخمائل حين باكرها الحيا أنداءها
و سرقت من لعس الشفاه على الهوى صهباءها
و من الورود عبيرها و من العقود سناءها
لأصوغ منها حلية و قفت عليك رواءها
تغضي العيون لحسنها أو لم تري إغضاءها
و تودّ تيجان الملوك لو اغتدين إماءها
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بحايتي النفيسة : أيّ أمر ساءها
***
من رنّة العيدان و هي جوامد تتكلّم
من ضحكة الأطفال و هي بنطقها تتلعثم
من شدو ورقاء تنوح و بلبل يترنّم
و من النسيم العذب يهمس بكرة و يتمتم
ألّفت ألحاني لأسعد أنفسا تتألّم
و رفعتها لك و هي أنفس ما لديّ و أوسم
أهديتها لك ربّما أهدى المقلّ المعدم
هي للقلوب الدّاميات و حقّ حسنك مرهم
يسلو الحزين بها و يرتاح الكئيب المغرم
و يعود للقلب الشباب و عصره المتقدّم
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بألحاني الرفيعة : أيّ أمر ساءها
***
ألذلّ لست أطيقه أترى سواي يطيقه
ماذقته قبل الهوى لكنّني سأذوقه
قلبي بحبّك خافق فمتى يقرّ خفوقه
شرّدت عنك و ضمّني نائي المزار سحيقه
فأرقت دمع أخي هوى في الخطب قلّ صديقه
إن كنت لم ترضي به هذا دمي سأريقه
أعلمت أنّي شاعر حرّ البيان طليقه
يوحى إليّ من القريض بديعه و رقيقه
هذي قلائده و ذا ياقوته و عقيقه
فتقبّليها و اسمعي شعرا يدار رحيقه
***
واحسرتاه . فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بأشعاري النفيسة : أيّ أمر ساءها
_____________________
أخا الجلّى ..
أأكرم حبّنا أصفى و أسمى
على عتت الخطوب من العتاب
و ما عزّيت حين ألمّ خطب
مصابك في جلاته مصابي
أخا الجلّى : و رب أخ تعرّى
لدى الجلّى عن الحسب القراب
أحبّك للنبيل من المعالي
و للعطر السّريّ من الرغاب
و أنت إذا تحدتك الرزايا
ضياء الشمس يسخر بالسحاب
تحنّ إليك عند البعد روحي
حنين الورد للنّطف العذاب
و حبّك نعمة الدنيا و أحلى
من النّعمى شمائلك السوابي
-:السيرة الذاتية:-
بدوي
الجبل هو الشاعر السوري الكبير محمد سليمان الأحمد ابن العلامة الشيخ
سليمان الأحمد (عضواً مجمع اللغة العربية في دمشق و شارح ديوان المكزو)
جده الأكبر (المكزون السنجاري) وهو واحدا من أعلام الشعر العربي في القرن
العشرين. ولد سنة 1900 في قرية ديفة في محافظة اللاذقية بسوريا، و"بدوي
الجبل" لقب أطلقه عليه المرحوم (يوسف العيسى) صاحب جريدة "ألف باء"
الدمشقية في العشرينات. إنغمس بدوي الجبل في حقل السياسة فأنتخب نائباً في
مجلس الشعب السوري 1937 وأعيد انتخابه عدة مرات ثم تولى عدة وزارات منها
الصحة 1954 والدعاية والأنباء. غادر سوريا 1956 متنقلاً بين لبنان وتركيا
و تونس قبل أن يستقر في سويسرا. عاد إلى سوريا 1962 حتى توفي يوم 19 أغسطس
سنة 1981. كان من أنصار الرئيس القوتلي، مدح الفرنسيين ثم ذمهم، هاجم حزب
البعث أثناء هزيمة حزيران كما أشاد بأبطال سوريين مثل ابراهيم هنانو و
يوسف العظمة .. وقد سطر أروع وابدع القصائد.
شعره
يمثل شعر بدوي الجبل السقف الأعلى في الشعر الكلاسيكي من حيث حقق التوازن
بين الخيال والفكرة، من الناحية الروحية تأثر شعرياً بجده المكزون حيث
إنعكست بعض الإشارات الصوفية في ثنايا شعره، شعره السياسي المقاوم
للإستعمار الفرنسي يصلح اليوم لمقاومة الإستعمار الغربي، تغنى في شعره
بحضارة الأمويين معتزاً بعروبتهم وتغنى بدمشق ومنها قوله عن دمشق:
بنت مروان إصطفاها ربها لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
شعره الجميل دليل على أن الشعر العربي مطبوع وليس مصنوعاً إلاّ لدى
الشعراء المتكلفين، وبدوي الجبل علم في عالم الشعر العربي قصائده الجميلة
فذة تفيض بالمعاني وجمال الكلمات.
يعتبر بدوي الجبل والأخطل الصغير وعمر أبو ريشة والجواهري رموز الشعر
الكلاسيكي العربي، ورغم كثرة الدراسات عن شعره حتى الآن لم ينصف بشكل
مناسب فهو مدرسة من مدارس الشعر العربي.
مع أنه ينتمي إلى الطائفة الإسلامية العلوية وربيب بيت ديني عريق في تدينه
إلا أنه تجاوز حدود الطائفة وحلق في سماء الدين الإسلامي الرحب فقال:
مسلمٌ كلما سجدت لربي..................فاح من سجدتي الهدى والعبير
وكان يعتز بعروبته حيث قال:
عربيٌ فلا حماي مباحٌ................عند حقدي ولا دمي مهدور
اجمل قصائده: اللهب القدسي، الكعبة الزهراء، البلبل الغريب، ابتهالات، خالقة، شقراء، حنين الغريب، من وحي الهزيمة.
تأثر بالمتنبي شعرياً حتى قيل انه متنبي القرن العشرين. كتب عنه العضيمي
دراسة تحت عنوان "هذا هو بدوي الجبل" وهي دراسة متحاملة عليه تفتقر إلى
الموضوعية.
________________________
-:الديوان:-
(فطال عليك الليل)
أحبّك حبّا لا تطوف به المنى
عرائس في حلي الملاح العرائس
أحبّك عن يأس و ما حبّ آمل
بأقرب في نجواه من حبّ يائس
و أهمس في سمع النسيم رسالة
فهل دغدغت نهديك من ثغر هامس
رويدك تهفو بي إلى الكأس خطرة
من الذكر مرّت في خيالات هاجس
تعيد لعيني كلّ ما فات و انطوى
و ترفع من بالي كلّ الطلول الدوارس
فالمح في الذكرى غديرا ترفّه
مع البدر أثداء الظباء الأوانس
و نهرا تعرّى البدر فيه كرامة
لبعض القدود العاريات الموائس
و ألمح في الذكرى جنونا و سورة
من الحبّ في تلك الجفون النواعس
فيالك كنزا راح يسخر ربّة
فمتّع من لألائه عين بائس
لقد خنت حتّى لا يغار أخو هوى
أحبّك من وجد طريف ملابس
ففي كلّ غضّ منك آثار قاطف
و في كلّ بضّ منك آثار لامس
فطال عليك الليل تأوي مع الدجى
بجفنيك أشباح الرؤى و الهواجس
________________________
آلام ...
ألفت حرّك لا شكوى و لا سهد
يا جمرة في حنايا الصدر تتّقد
مرّي على كبدي حمراء دامية
يبقى الحنين إذا تسلم الكبد
و ما أضيق بهمّ حين يطرقني
لقد تقاسم حبّي البؤس و الرّغد
إنّي أدلّل آلامي و أمسحها
مسح الشفيق و أجلوها و أنتقد
حتّى تطلّ على الدنيا بزينتها
حسناء تبدو عليها نعمة ودد
بعض الخطوب ظلام لا صباح له
و بعضها الفجر فيه النّور و الرشد
تفجّر الخير منه روضة أنفا
تدعو إلى ظلّها وانين قد جهدوا
إذا هم جرعوا من مائها جرعا
توثّبت عزمات فيهم جدد
و مدلجين أضاء الحزن ليلهم
حتّى إذا انطفأت أحزانهم قعدوا
حادوا عن المحنة الكبرى و لو صحبوا
نيرانها الحمر ما ضلّوا و لا انفردوا
فيم التنكّر للآلام قاسية
إذا تباعد في ميدانها الأمد
ألطالعون على الدنيا بنصرهم
لولا الفواجع هل شدّوا و هل نهدوا
إذا ونوا راح يذكي من عزائمهم
حقد هو العدّة الشهباء و العدد
سقاهم خمرة الآلام فاضطرموا
يستلهمون من الآلام و احتشدوا
أمّا الشعوب و قد ضجّت عواصفها
فصلحب النّصر فيها الثاكل الحرد
لقد تلاقى على الغايات من ظفروا
بالملك في زحمة الدنيا و من حقدوا
إنّ الألى أنكر الأحزان سامرهم
لغو من الناس لا ذموّا و لا حمدوا
إذا تباكوا من البلوى فما عرفوا
حزن المحبّين في البلوى و لا وجدوا
الظامئون و ظنّوا أنّهم ثملوا
و الغائبون و ظنّوا أنّهم شهدوا
***
لا يبعد الله أحبابا فجعت بهم
و ما علالة قلبي بعدما بعدوا
الناشئون علة نعماء مترفة
تقيّلوا الرمل في الصحراء و اتّسدوا
تلك الجسوم التي حزّ الحرير بها
حريرها في العراء الموحش الزرد
صادين للموت إيمانا و موجدة
فكلّما لاح منه منهل وردوا
على الصحاصح هامات معطّرة
و في الرّمال بنان أفردت و يد
في كلّ منزلة قبر تلمّ به
هوج الرّياح و ينأى الأهل و الولد
مشتّتين فمن أجسادهم مزق
على الأديم و من مرّانهم قصد
مصارع بعطور الحقّ زاكية
كأنّما سكبوا فيها اعتقدوا
حنا السراب عليها و هي ظاكئة
حرّى الجوانح لا غمر و لا ثمد
بموحش من رمال البيد منبسط
يضلّ في شاظئيه الصّبر و الجلد
مسحت دمعي من ذكراهم بيد
و أمسكت كبدي ألاّ تذوب يد
***
يا خمرة الحزن هذي الكأس مترعة
للشاربين و هذا الشاعر الغرد
إنّ الندامى على عهد الحبيب بهم
لا جانبوا النّشوة الكبرى و لا زهدوا
لا أوحش الله قلبي من مواجعه
و لا تحوّل عن نعمائها الحسد
و لا شفى الله جرحا في سريرته
نديان ينطف منه الخمر و الشهد
فجّرت قلبي رثاء ما وفين به
حقّ الزعيم قواف كالضحى شرد
الناقلات إلى الأجيال ما ظلموا
من الأباة و ما راعوا و ما اضطهدوا
صلى الاله على قبر يطوف به
كبيت مكة من حجّوا و من قصدوا
أغفى أبو طارق بعد السّهاد به
و خلّف الهمّ و البلوى لمن سهدوا
ضاو من السقم ضجّت في شمائله
عواصف الحقّ و الأمواج و الزبد
إذا أثير نضا عنه مواجعه
كما تفلّت من أشراكه الأسد
يروع في مقلتيه بارق عجب
و عالم عبقريّ السحر منفرد
يغالب البشر أسقاما نزلن به
يأبى له الكبر أن يأسى لها أحد
داء ملح و نفس لا تذلّ له
حرب تكافأ فيها البأس و العدد
تلك البشاشة أبلى الدّاء نضرتها
فراح يلمح في نعمائها الكمد
كالغيم يحجب حسن الشمس طالعة
و ما تحوّل عنها الحسن و الرأد
نعمت منك بساعات معطّرة
كأنّها الحلم دان و هو مبتعد
و صحبة كقديم الرّاح لو جليت
لليائسين حميّا كأسها سعدوا
***
يا خدنة من قراع الدهر دامية
ألا يهدهد من آلامك الأبد
خيل الزعيم تنزّى في شكائمها
ما فاتها قنص في الحيّ أو طرد
عرينة الحقّ في الشهباء منجبة
يروع أنّى التفتّ الظفر و اللّبد
إذا الزعيم تولّى عن شبولتها
حمى الشبولة إخوان له نجد ...
أمّا الشباب فما خانوا رسالته
عند الكفاح و لا حادوا و لا جحدوا
إذا دجت ظلمات اليأس حالكة
شقّ الدجى كوكب من ذكره يقد
حول الزعامة فتيان غطارفة
لا ينقض الدّهر ما شدّوا و ما عقدوا
الساخرون من الأقزام يضحكهم
أن راح يلبس جلد الضيغم النقد
المؤمنون إذا ما بايعوا صدقوا
و الصابرون فإن جدّ الوغى صمدوا
***
سقتهم كفّ إبراهيم صافية
من خمرة الحقّ تروي كلّ من يرد
ففي الدّماء سعير من سلافتها
عجلان يهدأ أحيانا و يتّئد
بين الجوانح إلاّ أنّه أنف
و في الشمائل إلاّ أنّه صيد
أذكى أبو طارق في الشرق جمرتها
حمراء تلتهم الجلّى و تزدرد
إذا ونت و هتفنا باسمه جمحت
تعيد سيرتها الأولى و تطّرد
فذكره الأمل الهادي إذا انتبهوا
و طيفه الحلم الهاني إذا رقدوا
زعامة الحقّ لا شوهاء يرفعها
على الرّمال الهوى و الزور و الفند
***
مالي أرى الفرس الشقراء عارية
على المرابط لا تطغى فتنجرد
آب المغيرون جنّت خيلهم مرحا
و آن أن يستريح الفارس النجد
________________________
أي أمر سآءها ؟
إنّي استعرت من الكواكب في الدّجى لألاءها
و من الغزالة و هي تركع في السماء ضياءها
و من الحمائم في الغصون نواحها و غناءها
و أخذت من نجل العيون فتورها و صفاءها
و من الخمائل حين باكرها الحيا أنداءها
و سرقت من لعس الشفاه على الهوى صهباءها
و من الورود عبيرها و من العقود سناءها
لأصوغ منها حلية و قفت عليك رواءها
تغضي العيون لحسنها أو لم تري إغضاءها
و تودّ تيجان الملوك لو اغتدين إماءها
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بحايتي النفيسة : أيّ أمر ساءها
***
من رنّة العيدان و هي جوامد تتكلّم
من ضحكة الأطفال و هي بنطقها تتلعثم
من شدو ورقاء تنوح و بلبل يترنّم
و من النسيم العذب يهمس بكرة و يتمتم
ألّفت ألحاني لأسعد أنفسا تتألّم
و رفعتها لك و هي أنفس ما لديّ و أوسم
أهديتها لك ربّما أهدى المقلّ المعدم
هي للقلوب الدّاميات و حقّ حسنك مرهم
يسلو الحزين بها و يرتاح الكئيب المغرم
و يعود للقلب الشباب و عصره المتقدّم
***
واحسرتاه فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بألحاني الرفيعة : أيّ أمر ساءها
***
ألذلّ لست أطيقه أترى سواي يطيقه
ماذقته قبل الهوى لكنّني سأذوقه
قلبي بحبّك خافق فمتى يقرّ خفوقه
شرّدت عنك و ضمّني نائي المزار سحيقه
فأرقت دمع أخي هوى في الخطب قلّ صديقه
إن كنت لم ترضي به هذا دمي سأريقه
أعلمت أنّي شاعر حرّ البيان طليقه
يوحى إليّ من القريض بديعه و رقيقه
هذي قلائده و ذا ياقوته و عقيقه
فتقبّليها و اسمعي شعرا يدار رحيقه
***
واحسرتاه . فإنّني لم أستطع إرضاءها
صدّت و كيف يطيق قلبي صدّها و جفاءها
و رمت بأشعاري النفيسة : أيّ أمر ساءها
_____________________
أخا الجلّى ..
أأكرم حبّنا أصفى و أسمى
على عتت الخطوب من العتاب
و ما عزّيت حين ألمّ خطب
مصابك في جلاته مصابي
أخا الجلّى : و رب أخ تعرّى
لدى الجلّى عن الحسب القراب
أحبّك للنبيل من المعالي
و للعطر السّريّ من الرغاب
و أنت إذا تحدتك الرزايا
ضياء الشمس يسخر بالسحاب
تحنّ إليك عند البعد روحي
حنين الورد للنّطف العذاب
و حبّك نعمة الدنيا و أحلى
من النّعمى شمائلك السوابي
Eko- مشرف الرياضة
- عدد المساهمات : 1083
نقاط : 2904
تاريخ التسجيل : 29/12/2009
العمر : 32
اشعار بدوي الجبل جدا رائعه
أين أين الرعيل من أهل بدر ؟
لا تسلها فلن تجيب الطلول
ألمغاوير مثخن أو قتيل
موحشات يطوف في صمتها
الدّهر فللدّهر وحشة و ذهول
غاب عند الثرى أحبّاء قلبي
فلثرى وحده الحبيب الخليل
***
و سقوني على الفراق دموعي
كيف يروي من الجحيم الغليل
خيّمت وحشو الفراغ على
الأحياء فالقبر وحده المأهول
في الثرى من أحبّتي ولداتي
ظفر أبلج و فتح جليل
نزلت بالقبور أسمى اللّبانات
و طاف الرجاء و التأميل
و تهبّ القبول تحمل أشواقي
فهل رشّت الطيوب القبول
الدي نال جبهة اللّيث في
غمر الضّحى ناله جبان ذليل
يا أخا الفتكة الصراح كأنّ
الشمس من فوق فرعها إكليل
لم تفاجئ بها عدوّا فقد
أنذر منها زماجر و صهيل
و زحوف على العدو كما تخبط
بالعاصف المرنّ السيول
ألف هيجاء خضتها لم تجدّلك
أحقا أنت الصريع الجديل
سيفك السيف لا يخاتل في
الروع وزكّاه أنّه المختول
و إذا النّصر كان عارا فأرضى
للمروءات أنّك المخذول
لقطاف الوغى شمائل كالنّاس
فنصر وغد و نصر نبيل
هتف الهاتفون : أين رياض
فانتخى في الثرى حسام صقيل
و بكت أمّة و أجهش تاريخ
و ناح القرآن و الإنجيل
يا لستّين في الكفاح طوال
حاليات و كلّ جلّى تطول
من راه يخرّ في فجأة الغدر
رأى الرّاسيات كيف تميل
إنّ موت العظيم محنة التاريخ
و دنيا تفنى و كون يزول
***
إنّ سيفا أرداك غدرا و حقدا
لهو بين الظبى دعيّ دخيل
لم يذد في الوغى عدوّا و لم
يهززه في الرّوع ساعد مفتول
مغمد في معارك الحقّ ناب
و على الحقّ مصلت مصقول
شاهت العرب تحت كلّ سماء
حين أغضت و شلوك المأكول
يا لذلّ العلى فهل هجع الثأر
و طاح الدم الزكيّ الطليل
عقر الله بعد فارسها الخيل
و لا عطّر الفتوح االصهيل
ينكر الشوط نفسه حين تجري
عاريات من الكمأة الخيول
ما لأمجادنا و ما لعبيد
الأساطير مجدهم و الطلول
بئس قوميّة يؤرّخها
الظنّ و يبني أحسابها التأويل
كيف تسمو بين الشعوب
ثمالات شعوب و عابرون فلول
أبغضونا على العروبة و الفتـ
ـح و يلقى عند الهجين الأصيل
و سبايا الفتوح لا بدع إن هرّ
على الفتح حقدها و الذحول
***
نحن كون لا كائنان ضعيفان
ألحّ الهوى و تم ّالوصول
سالف الشرق ملك قحطان
و اليوم لقحطان و الغد المأمول
و له هذه الجبال المنيفات
و تلك الرّبى و هذي السهول
و السماوات و الكواكب في الشرق
لقحطان موطن و قبيل
و النبوّات و الفنون و ملك
في شباب الدّنيا عريض طويل
أريحيّ تكاد نورق بالنعمى
لأعدائه القنا و النصول
قد ورثنا البحار من عبد شمس
و عليها الغزاة و الأسطول
أرز لبنان أيكة في ذرانا
و الفراتان ماؤنا و النيل
و رياحيننا على تونس الخضراء
خضراء أين منها الذبول
ما شكت جرحها على البعد إلاّ
رفّ قلبي على الجراح يسيل
و لثمت الجراح فهي ثغور
يشتهى عطورها التقبيل
هادرات بخطبة المجد بتراء
و يؤذي البلاغة التطويل
حلف القيد أنّه من نضار
كلّ قيد على الرّقاب ثقيل
يا صديد الجراح بوركت طيبا
يتملّى ريّاه جيل فجيل
كلّ روض في الشرق من
دم آبائي مندّى معطّر مطلول
و لبناتهم على كلّ صحراء
غدير صاف و ظلّ ظليل
حيث يحنو الصفصاف نعمى
على الواني و يبكي على الشهيد النخيل
كلّ تكبيرة على الرّمل نفح
و عبير سكب و أيك بليل
ذكر الله فالهجير شفاه
قانيات و الليل طرف كحيل
***
لفّني و الدّجى على هذه الصحـ
ـراء سحر منمنم مجهول
لفّني و الدّجى فأفنت كلينا
سعة من جلاله و شمول
أيّ سرّ نريد في الكون
و الكون معنّى بسرّنا مشغول
تلك واحاتها الظليلة
و الظلّ غريب على الرّمال نزيل
زهرات السّماء حيّا بها
قومي من الحور في السماء رسول
فعلى كلّ نهلة من شذاها
شفّة عندم و خدّ أسيل
و حنين إلى السماء كما حنّ
إلى نعمة الشفاء العليل
ربّ روحي طليقة في سماواتك
و الجسم موثّق مغلول
بعد الفرق بين روحي و جسمي
جسدي آثم و روحي بتول
أنت يل ربّ غاية و إلى
الغاية أنت الهدى و أنت السبيل
لك حبّي و منك حبّي فهل
يعطي من السائل الكريم المنيل
لك حبّي فهل لفقري إذا
أهدى إلى كنزك الغنيّ قبول
عبراتي عبادة و ابتهال
و شهيقي التكبير و التهليل
و صلاتي تأمّل و مناجاتي
خشوع و زقزقتي ترتيل
و بلائي أنّ النعيم الذي
أرجو نعيم مسوّف ممطول
لم يضع في الظلام نورك عن
قلبي فقلبي إلى سناك الدليل
معدن الخير و الجمال المصفّى
وجهك الخيّر الكريم الجميل
و أنا السائل الملحّ و يجلو
وحشة الذلّ أنّك المسؤول
و بيمناي ألف كنز عطاياك
و ما في يديّ إلاّ القليل
ربّ ! نعماك أن تنضّر قلبي
بمحيّاك فهو صاد محيل
ربّ ! قلبي زيّنته لحميّاك
فمر تنسكب بقلبي الشمول
هيّئت في سريرتي لك ربّي
سدرة المنتهى و طاب النّزول
جوهر القلب و هو إبداع كفّيك
على ما به كريم أصيل
و بقلبي رضوان يهفو لمرآك
و ندّى سريرتي جبريل
يا لدات الشباب لو ينفع الدمـ
ـع جزتكم مدامعي و العويل
و كهولا أبلت شبابهم الجلّى
فهم في الصبا الوسيم كهول
روّعت سربنا المنايا و أمّ
المجد في الغوطتين أمّ ثكول
راع قلبي الرّحيل حتّى تولّيتم
فأشهى المنى إليّ الرّحيل
لوعتي – و الثرى يهال عليكم -
كوفائي ، مقيمة لا تحول
لوعة الحرّ حين أفرده الدّهر
فمن يتّقيه حين يصول
و أناجي قبوركم أعذب النجـ
ـوى و أشكو معاتبا و أطيل
و كأنّ القبور تسمع شكواي ..
و تدري حصباؤها ما أقول
عيّروا بالفلول بيض ظبانا
من قراع الزمان هذي الفلول
و إذا السيف كلّ من هبره الهام
فقد شرّف السيوف الكليل
الدجى عذر منكرينا و تخفى
غرر الخيل في الدّجى و الحجول
ذلّ مجد لم ينتسب لكفاح
فهو مجد رثّ المعالي هزيل
***
غوطة الشام هل شجاك بيان
من قريضي كأنّه التنزيل
و عتاب كالجمر صنتك عنه
جزعا أن ينال منك عذول
كلّ مجد يفنى و يبقى لشعري
شرف باذخ و مجد أثيل
***
غوطة الشام منك صدّ و حرمـ
ـان و منّا العطاء و التنويل
ألذي شرّدته عنك المعالي
آب و هو المكفّن المحمول
غربة في العلى و ينأى عن
الغمد فيبلى المهنّد المسلول
مثخن بالجراح يهفو إلى
الأمّ فأين الترحيب و التأهيل
ربّ فنح ترويه للدّهر
أشلاء قناة و صارم مفلول
ضنّت الشام بالوفاء علينا
طلعة سمحة و ودّ بخيل
أيسر الجهد أن تضجّي و تشكي
قد يرجّ الطغيان قال و قيل
و اعذري الهامسين خوفا فما يهدر
عند الصّيال إلاّ الفحول
لامنا الأّئمون في حبّ حسناء
ملول و كلّ نعمى ملول
لا تحاسب أخا هوى في هواه
كلّ ثغر على الهوى معسول
أيّ بدع في ثورة من محبّ
قد يثور المقيّد المكبول
لك منّي الهوى كما رنّح الفجر
نسيم في غوطتيك عليل
***
يا رفاقي بكيت فيكم شبابي
كلّ عيش بعد الشباب فضول
من تملّى بقلبه الضاحك الهاني
فقلبي الممزّق المتبول
أين سعد و عادل و رياض
ما لركب الرّدى المجدّ قفول
و نجيب و أين منّي نجيب
غال قومي من المنيّة غول
كيف أغفى أبو رياض و حقّي
في الشام المضيّع المخذول
و تلاقيتم على البعد في قلبي
فلا روّع اللدات رحيل
***
حال بيني و بين دنياي أنّي
بكم في سريرتي مشغول
و أراكم حتّى لأسأل نفسي
أيقين رؤاي أم تخييل
بوركت نعمة الخيال و يرضيني
خداع الخيال و التعليل
أجهدتنا الضحى على زحمة الرّوع
فهل يسعد الطلاح الأصيل
أين أين الرّعيل من أهل بدر
طوي الفتح و استبيح الرعيل
***
__________________________
أيّها المعرض عني
أيّها المعرض عنّي ما الذي رابك منّي
أنت حلو في الرضى السمح و حلو في التجنّي
دع يقيني – و هو الجمر – إلى أفياء ظنّي
لي كنوز الحبّ ، يستغني بها قلبي و يغني
و المنى ضاعت فهبني منك نعماء التمنّي
تعدل الدنيا طيوف علقت منك بخفني
و أنا البلبل في الأيك و في الأسر يغنّي
ترف الإحسان أن أضفي على دنياي حسني
قد جلاني الله من نعماه إشراقه يمن
أنا و الأنجم أغفينا على مهد و حضن
و ابتدعنا ألف دنيا و خلقنا ألف فنّ
أنا و الأنجم لا نفنى على الدّهر ... و نفني
أنا إن أدن من الله فإنّ الشوق يدني
ناعم النور نماني و الأعاصير نمتني
يظمأ العقل فأسقي العقل أسطورة جن
لم يضق حبّي بما ألقاه من حقد و غبن
أنزل الآثام أضيافا علة جنّة عدني
_______________________
أيّكما الرّبيع
ثنائي عن لقائك يا أميري
عثار الجدّ و القدم الوجيع
فخفّ من الجموع إليك قلبي
يرافقها و ما درت الجموع
و مزّقه الحنين فكلّ جرح
هوى يشكو و غالية تضوع
***
أميري و العلى حسب رفيع
يمكّن مجده أدب رفيع
جمعت كليهما فزكت أصول
على نعمائها و زكت فروع
تنمّر كلّ خوّان لئيم
و تاه النذل و اختال الوضيع
و نالت من حرائرنا بغيّ
لكلّ هوى مسخّرة تبوع
و ربّة حرّة جاعت و تغنى
بثدييها البغيّ فلا تجوع
رأيت الكفر يكتمه ذووه
و كفر القوم عريان خليع
و أوصدت الشام السمع عنّا
فما في الشام للبلوى سميع
عنوا للخائنين و دلّلوهم
و ما بالوا بأرحام تضيع
و ما صرعوا عدوّهم بنعمى
و لكنّ الوفاء هو الصريع
فلو درت الضلوع صنيع قلبي
لما غفرت جريرته الضلوع
يطيع أحبّة جاروا عليه
و يأمره الزمان فلا تطيع
تشفّع في ذنوبهم وفائي
ففاز الحبّ و انتصر الشفيع
***
أميري هذه شكوى ألحّت
فضاق بجمرها الصدر الوسيع
و عندك مثلها و لدى كلينا
لأسرار العلى حرم منيع
و أهلا بالامير فكلّ قلب
على لقياك خفّاق نزوع
نزلت مع الربيع على ربانا
فقال الناس : أيّكما الرّبيع
_____________________
أغنية البردوني
يا شاعر الأزهار و شاعر الأقمار
من غيد لبنان
تعيد أغنيّه للحبّ سحريّة
فترقص الأغصان
أدرت أقداحك تزفّ لي راحك
فرحت سكران
تهزّ أعطافي في ظلّك الضّافي
للحسن ألوان
الرّوضة المئناف و الحور و الصفصاف
و هذه الغزلان
من خمرة الثغر و خمرة النهر
أصبحت نشوان
آمنت بالوادي و نهره الشّادي
و ريمه الفتّان
الشعر مسدول و الثغر معسول
و الغصن ريّان
و روحي النشوى لا تقبل الصحوا
للصّحو أحيان
غافلت جلاّسي مفرّغا كاسي
ليشرب الرّيحان
أنحتسي الخمرا و نرتوي سكرا
و الورد ظمآن
أضفّر الآسا و أرشف الكاسا
و الكأس ملآن
بحضن جنيّة هيفاء حوريّة
أضاعها رضوان
قبّلت خدّيها دغدغت نهديها
فالبدر غيران
و الروض يخفينا عن عين واشينا
يا ربّ لاكان
و أنت يا هدّار تردّد الأشعار
رقيقة الألحان
__________________
أهوى الشام
قف بالشام مسائلا آثارها
مرحى لمن أمّ الشام و زارها
أهوى أزهارها . أحنّ لعهدها
أشتاق بلبلها ، أحبّ هزارها
قضّيت أيّامي القصار بظلّها
جادت مدامع مقلتيّ قصارها
أفدي مهفهفة القوام أسيرة
تشكو القيود فمن يفكّ إسارها
غلّوا الأسود الصيد من أبطالها
في الغوطتين و حجّبوا أقمارها
و كسوا مناكبها فلا أنجادها
تركوا لقاطنها و لا أغوارها
***
هذي الشام فحيّ ليث عرينها
يوم النزال لبابها مختارها
إن كان قد هجر الشام فإنّه
أبكى الشام و هزّها و أثارها
حزنت قبور الفاتحين و أطلقت
حمر الدموع و أرسلت مدرارها
و بكت غياض الغوطتين أما ترى
أنّ المدامع بلّلت أزهارها
يا ابن الصناديد الألى قد عفّروا
هام الملوك و نكّسوا جبّارها
ألموقدي نار الضيافة أرسلت
مثل الجبال الراسيات شرارها
من كلّ وضّاح الجبين مغامر
يغشى المعامع مستثيرا نارها
كأس المنيّة في فرند حسامه
فإذا التقت حلق البطان أدارها
قد أرقلت بك في الخضمّ مطيّة
هوجاء ما نكث الخضمّ مغارها
ظمأى تسير على الخضمّ مجرجرا
سير الذلول و لا تبلّ أوارها
فإذا بلغت الغرب و هو ممالك
بالسيف تمنع مجدها و ذمارها
رفعت على حدّ السيوف عروشها
و بنت بأشلاء الضعاف ديارها
قل إن جلست مخاطبا طاغوتها
و محاورا في بغيه جزّارها
ما للشام نسيتم ميثاقها
و خفرتم بعد العهود جوارها
قرّبتم للطيّبات عبيدها
و حرمتم حتّى الكرى أحرارها
عزّ العزاء فكفكفوا عبراتها
و خلا النديّ فأطلقوا أطيارها
***
لا تكذب الأمم القويّة ، إنّها
باسم الحضارة ثقّفت خطّارها
و لتهنأ الأمم القوية . إنّها
قد أدركت ممّن تخادع ثارها
قالت : لقد بلّغتكم أوطاركم
و هي التي بلغت بنا أوطارها
يا عصبة الصيد الغطاريف الألى
حفظوا الجدود و خلدوا آثارها
هذي سيوف الفاتحين من البلى
قذ صنتم أجفانها و شفارها
جدّدتم عهد الحفاظ لأمّة
الله طهّر خيمها و نجارها
ارجعتم صور العروبة غضّة
فكأنكم ارجعتم إعصارها
و بعثتم أمم الجزيرة بعدما
طويت و حلل فذكم أطوارها
أنطقتم الصّور الجماد فخبّرت
عن شأنها و رويتم أخبارها
و سللتم صمصامها من غمده
متألّقا و جلوتم دينارها
و رفعتم ركن القضية عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
***
مرحى لناشئة الشام و مرحبا
بالنشء إن عثرت أقال عثارها
ألناهضين ليمنعوا ميراثها
و يجدّدوا علياءها و فخارها
هذي الرّبوع سررتم غيّابها
بجهادكم و حرستم حضّارها
أسهرتم جفن العدوّ و رحتم
ندمان كلّ فضيلة سمّارها
أرجعتم صور العروبة غضّة
فكأنّكم أرجعتم عصارها
و رفعتم ركن القضيّة عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
و أرى العدوّ دعاكم أغرارها
أفدي الذين دعاهم أغرارها
لا تفنطوا فلقد غرستم جنّة
تجني أكفّكم إذا أثمارها
و خذوا شعاركم القلى لعصابة
تخذت مولاة الغريب شعارها
نسيت عروبتها و لم تعشق بها
مئناف جنّات الحمى معطارها
أغفت على أعذارها ، فتريّثوا
ألله ليس بقابل أعذارها
حسب العروبة أنّكم لبّيتم
يوم النداء و كنتم أنصارها
بردى أدار عليكم صهباء
و جلت عرائسه لكم نوّارها
و اخجلتي للناكرين جميلها
و الثالمين مع العدوّ غررها
عقّوا البنين و ما سمعت بناقة
وطئت على مهد الصعيد حوارها
لا تسلها فلن تجيب الطلول
ألمغاوير مثخن أو قتيل
موحشات يطوف في صمتها
الدّهر فللدّهر وحشة و ذهول
غاب عند الثرى أحبّاء قلبي
فلثرى وحده الحبيب الخليل
***
و سقوني على الفراق دموعي
كيف يروي من الجحيم الغليل
خيّمت وحشو الفراغ على
الأحياء فالقبر وحده المأهول
في الثرى من أحبّتي ولداتي
ظفر أبلج و فتح جليل
نزلت بالقبور أسمى اللّبانات
و طاف الرجاء و التأميل
و تهبّ القبول تحمل أشواقي
فهل رشّت الطيوب القبول
الدي نال جبهة اللّيث في
غمر الضّحى ناله جبان ذليل
يا أخا الفتكة الصراح كأنّ
الشمس من فوق فرعها إكليل
لم تفاجئ بها عدوّا فقد
أنذر منها زماجر و صهيل
و زحوف على العدو كما تخبط
بالعاصف المرنّ السيول
ألف هيجاء خضتها لم تجدّلك
أحقا أنت الصريع الجديل
سيفك السيف لا يخاتل في
الروع وزكّاه أنّه المختول
و إذا النّصر كان عارا فأرضى
للمروءات أنّك المخذول
لقطاف الوغى شمائل كالنّاس
فنصر وغد و نصر نبيل
هتف الهاتفون : أين رياض
فانتخى في الثرى حسام صقيل
و بكت أمّة و أجهش تاريخ
و ناح القرآن و الإنجيل
يا لستّين في الكفاح طوال
حاليات و كلّ جلّى تطول
من راه يخرّ في فجأة الغدر
رأى الرّاسيات كيف تميل
إنّ موت العظيم محنة التاريخ
و دنيا تفنى و كون يزول
***
إنّ سيفا أرداك غدرا و حقدا
لهو بين الظبى دعيّ دخيل
لم يذد في الوغى عدوّا و لم
يهززه في الرّوع ساعد مفتول
مغمد في معارك الحقّ ناب
و على الحقّ مصلت مصقول
شاهت العرب تحت كلّ سماء
حين أغضت و شلوك المأكول
يا لذلّ العلى فهل هجع الثأر
و طاح الدم الزكيّ الطليل
عقر الله بعد فارسها الخيل
و لا عطّر الفتوح االصهيل
ينكر الشوط نفسه حين تجري
عاريات من الكمأة الخيول
ما لأمجادنا و ما لعبيد
الأساطير مجدهم و الطلول
بئس قوميّة يؤرّخها
الظنّ و يبني أحسابها التأويل
كيف تسمو بين الشعوب
ثمالات شعوب و عابرون فلول
أبغضونا على العروبة و الفتـ
ـح و يلقى عند الهجين الأصيل
و سبايا الفتوح لا بدع إن هرّ
على الفتح حقدها و الذحول
***
نحن كون لا كائنان ضعيفان
ألحّ الهوى و تم ّالوصول
سالف الشرق ملك قحطان
و اليوم لقحطان و الغد المأمول
و له هذه الجبال المنيفات
و تلك الرّبى و هذي السهول
و السماوات و الكواكب في الشرق
لقحطان موطن و قبيل
و النبوّات و الفنون و ملك
في شباب الدّنيا عريض طويل
أريحيّ تكاد نورق بالنعمى
لأعدائه القنا و النصول
قد ورثنا البحار من عبد شمس
و عليها الغزاة و الأسطول
أرز لبنان أيكة في ذرانا
و الفراتان ماؤنا و النيل
و رياحيننا على تونس الخضراء
خضراء أين منها الذبول
ما شكت جرحها على البعد إلاّ
رفّ قلبي على الجراح يسيل
و لثمت الجراح فهي ثغور
يشتهى عطورها التقبيل
هادرات بخطبة المجد بتراء
و يؤذي البلاغة التطويل
حلف القيد أنّه من نضار
كلّ قيد على الرّقاب ثقيل
يا صديد الجراح بوركت طيبا
يتملّى ريّاه جيل فجيل
كلّ روض في الشرق من
دم آبائي مندّى معطّر مطلول
و لبناتهم على كلّ صحراء
غدير صاف و ظلّ ظليل
حيث يحنو الصفصاف نعمى
على الواني و يبكي على الشهيد النخيل
كلّ تكبيرة على الرّمل نفح
و عبير سكب و أيك بليل
ذكر الله فالهجير شفاه
قانيات و الليل طرف كحيل
***
لفّني و الدّجى على هذه الصحـ
ـراء سحر منمنم مجهول
لفّني و الدّجى فأفنت كلينا
سعة من جلاله و شمول
أيّ سرّ نريد في الكون
و الكون معنّى بسرّنا مشغول
تلك واحاتها الظليلة
و الظلّ غريب على الرّمال نزيل
زهرات السّماء حيّا بها
قومي من الحور في السماء رسول
فعلى كلّ نهلة من شذاها
شفّة عندم و خدّ أسيل
و حنين إلى السماء كما حنّ
إلى نعمة الشفاء العليل
ربّ روحي طليقة في سماواتك
و الجسم موثّق مغلول
بعد الفرق بين روحي و جسمي
جسدي آثم و روحي بتول
أنت يل ربّ غاية و إلى
الغاية أنت الهدى و أنت السبيل
لك حبّي و منك حبّي فهل
يعطي من السائل الكريم المنيل
لك حبّي فهل لفقري إذا
أهدى إلى كنزك الغنيّ قبول
عبراتي عبادة و ابتهال
و شهيقي التكبير و التهليل
و صلاتي تأمّل و مناجاتي
خشوع و زقزقتي ترتيل
و بلائي أنّ النعيم الذي
أرجو نعيم مسوّف ممطول
لم يضع في الظلام نورك عن
قلبي فقلبي إلى سناك الدليل
معدن الخير و الجمال المصفّى
وجهك الخيّر الكريم الجميل
و أنا السائل الملحّ و يجلو
وحشة الذلّ أنّك المسؤول
و بيمناي ألف كنز عطاياك
و ما في يديّ إلاّ القليل
ربّ ! نعماك أن تنضّر قلبي
بمحيّاك فهو صاد محيل
ربّ ! قلبي زيّنته لحميّاك
فمر تنسكب بقلبي الشمول
هيّئت في سريرتي لك ربّي
سدرة المنتهى و طاب النّزول
جوهر القلب و هو إبداع كفّيك
على ما به كريم أصيل
و بقلبي رضوان يهفو لمرآك
و ندّى سريرتي جبريل
يا لدات الشباب لو ينفع الدمـ
ـع جزتكم مدامعي و العويل
و كهولا أبلت شبابهم الجلّى
فهم في الصبا الوسيم كهول
روّعت سربنا المنايا و أمّ
المجد في الغوطتين أمّ ثكول
راع قلبي الرّحيل حتّى تولّيتم
فأشهى المنى إليّ الرّحيل
لوعتي – و الثرى يهال عليكم -
كوفائي ، مقيمة لا تحول
لوعة الحرّ حين أفرده الدّهر
فمن يتّقيه حين يصول
و أناجي قبوركم أعذب النجـ
ـوى و أشكو معاتبا و أطيل
و كأنّ القبور تسمع شكواي ..
و تدري حصباؤها ما أقول
عيّروا بالفلول بيض ظبانا
من قراع الزمان هذي الفلول
و إذا السيف كلّ من هبره الهام
فقد شرّف السيوف الكليل
الدجى عذر منكرينا و تخفى
غرر الخيل في الدّجى و الحجول
ذلّ مجد لم ينتسب لكفاح
فهو مجد رثّ المعالي هزيل
***
غوطة الشام هل شجاك بيان
من قريضي كأنّه التنزيل
و عتاب كالجمر صنتك عنه
جزعا أن ينال منك عذول
كلّ مجد يفنى و يبقى لشعري
شرف باذخ و مجد أثيل
***
غوطة الشام منك صدّ و حرمـ
ـان و منّا العطاء و التنويل
ألذي شرّدته عنك المعالي
آب و هو المكفّن المحمول
غربة في العلى و ينأى عن
الغمد فيبلى المهنّد المسلول
مثخن بالجراح يهفو إلى
الأمّ فأين الترحيب و التأهيل
ربّ فنح ترويه للدّهر
أشلاء قناة و صارم مفلول
ضنّت الشام بالوفاء علينا
طلعة سمحة و ودّ بخيل
أيسر الجهد أن تضجّي و تشكي
قد يرجّ الطغيان قال و قيل
و اعذري الهامسين خوفا فما يهدر
عند الصّيال إلاّ الفحول
لامنا الأّئمون في حبّ حسناء
ملول و كلّ نعمى ملول
لا تحاسب أخا هوى في هواه
كلّ ثغر على الهوى معسول
أيّ بدع في ثورة من محبّ
قد يثور المقيّد المكبول
لك منّي الهوى كما رنّح الفجر
نسيم في غوطتيك عليل
***
يا رفاقي بكيت فيكم شبابي
كلّ عيش بعد الشباب فضول
من تملّى بقلبه الضاحك الهاني
فقلبي الممزّق المتبول
أين سعد و عادل و رياض
ما لركب الرّدى المجدّ قفول
و نجيب و أين منّي نجيب
غال قومي من المنيّة غول
كيف أغفى أبو رياض و حقّي
في الشام المضيّع المخذول
و تلاقيتم على البعد في قلبي
فلا روّع اللدات رحيل
***
حال بيني و بين دنياي أنّي
بكم في سريرتي مشغول
و أراكم حتّى لأسأل نفسي
أيقين رؤاي أم تخييل
بوركت نعمة الخيال و يرضيني
خداع الخيال و التعليل
أجهدتنا الضحى على زحمة الرّوع
فهل يسعد الطلاح الأصيل
أين أين الرّعيل من أهل بدر
طوي الفتح و استبيح الرعيل
***
__________________________
أيّها المعرض عني
أيّها المعرض عنّي ما الذي رابك منّي
أنت حلو في الرضى السمح و حلو في التجنّي
دع يقيني – و هو الجمر – إلى أفياء ظنّي
لي كنوز الحبّ ، يستغني بها قلبي و يغني
و المنى ضاعت فهبني منك نعماء التمنّي
تعدل الدنيا طيوف علقت منك بخفني
و أنا البلبل في الأيك و في الأسر يغنّي
ترف الإحسان أن أضفي على دنياي حسني
قد جلاني الله من نعماه إشراقه يمن
أنا و الأنجم أغفينا على مهد و حضن
و ابتدعنا ألف دنيا و خلقنا ألف فنّ
أنا و الأنجم لا نفنى على الدّهر ... و نفني
أنا إن أدن من الله فإنّ الشوق يدني
ناعم النور نماني و الأعاصير نمتني
يظمأ العقل فأسقي العقل أسطورة جن
لم يضق حبّي بما ألقاه من حقد و غبن
أنزل الآثام أضيافا علة جنّة عدني
_______________________
أيّكما الرّبيع
ثنائي عن لقائك يا أميري
عثار الجدّ و القدم الوجيع
فخفّ من الجموع إليك قلبي
يرافقها و ما درت الجموع
و مزّقه الحنين فكلّ جرح
هوى يشكو و غالية تضوع
***
أميري و العلى حسب رفيع
يمكّن مجده أدب رفيع
جمعت كليهما فزكت أصول
على نعمائها و زكت فروع
تنمّر كلّ خوّان لئيم
و تاه النذل و اختال الوضيع
و نالت من حرائرنا بغيّ
لكلّ هوى مسخّرة تبوع
و ربّة حرّة جاعت و تغنى
بثدييها البغيّ فلا تجوع
رأيت الكفر يكتمه ذووه
و كفر القوم عريان خليع
و أوصدت الشام السمع عنّا
فما في الشام للبلوى سميع
عنوا للخائنين و دلّلوهم
و ما بالوا بأرحام تضيع
و ما صرعوا عدوّهم بنعمى
و لكنّ الوفاء هو الصريع
فلو درت الضلوع صنيع قلبي
لما غفرت جريرته الضلوع
يطيع أحبّة جاروا عليه
و يأمره الزمان فلا تطيع
تشفّع في ذنوبهم وفائي
ففاز الحبّ و انتصر الشفيع
***
أميري هذه شكوى ألحّت
فضاق بجمرها الصدر الوسيع
و عندك مثلها و لدى كلينا
لأسرار العلى حرم منيع
و أهلا بالامير فكلّ قلب
على لقياك خفّاق نزوع
نزلت مع الربيع على ربانا
فقال الناس : أيّكما الرّبيع
_____________________
أغنية البردوني
يا شاعر الأزهار و شاعر الأقمار
من غيد لبنان
تعيد أغنيّه للحبّ سحريّة
فترقص الأغصان
أدرت أقداحك تزفّ لي راحك
فرحت سكران
تهزّ أعطافي في ظلّك الضّافي
للحسن ألوان
الرّوضة المئناف و الحور و الصفصاف
و هذه الغزلان
من خمرة الثغر و خمرة النهر
أصبحت نشوان
آمنت بالوادي و نهره الشّادي
و ريمه الفتّان
الشعر مسدول و الثغر معسول
و الغصن ريّان
و روحي النشوى لا تقبل الصحوا
للصّحو أحيان
غافلت جلاّسي مفرّغا كاسي
ليشرب الرّيحان
أنحتسي الخمرا و نرتوي سكرا
و الورد ظمآن
أضفّر الآسا و أرشف الكاسا
و الكأس ملآن
بحضن جنيّة هيفاء حوريّة
أضاعها رضوان
قبّلت خدّيها دغدغت نهديها
فالبدر غيران
و الروض يخفينا عن عين واشينا
يا ربّ لاكان
و أنت يا هدّار تردّد الأشعار
رقيقة الألحان
__________________
أهوى الشام
قف بالشام مسائلا آثارها
مرحى لمن أمّ الشام و زارها
أهوى أزهارها . أحنّ لعهدها
أشتاق بلبلها ، أحبّ هزارها
قضّيت أيّامي القصار بظلّها
جادت مدامع مقلتيّ قصارها
أفدي مهفهفة القوام أسيرة
تشكو القيود فمن يفكّ إسارها
غلّوا الأسود الصيد من أبطالها
في الغوطتين و حجّبوا أقمارها
و كسوا مناكبها فلا أنجادها
تركوا لقاطنها و لا أغوارها
***
هذي الشام فحيّ ليث عرينها
يوم النزال لبابها مختارها
إن كان قد هجر الشام فإنّه
أبكى الشام و هزّها و أثارها
حزنت قبور الفاتحين و أطلقت
حمر الدموع و أرسلت مدرارها
و بكت غياض الغوطتين أما ترى
أنّ المدامع بلّلت أزهارها
يا ابن الصناديد الألى قد عفّروا
هام الملوك و نكّسوا جبّارها
ألموقدي نار الضيافة أرسلت
مثل الجبال الراسيات شرارها
من كلّ وضّاح الجبين مغامر
يغشى المعامع مستثيرا نارها
كأس المنيّة في فرند حسامه
فإذا التقت حلق البطان أدارها
قد أرقلت بك في الخضمّ مطيّة
هوجاء ما نكث الخضمّ مغارها
ظمأى تسير على الخضمّ مجرجرا
سير الذلول و لا تبلّ أوارها
فإذا بلغت الغرب و هو ممالك
بالسيف تمنع مجدها و ذمارها
رفعت على حدّ السيوف عروشها
و بنت بأشلاء الضعاف ديارها
قل إن جلست مخاطبا طاغوتها
و محاورا في بغيه جزّارها
ما للشام نسيتم ميثاقها
و خفرتم بعد العهود جوارها
قرّبتم للطيّبات عبيدها
و حرمتم حتّى الكرى أحرارها
عزّ العزاء فكفكفوا عبراتها
و خلا النديّ فأطلقوا أطيارها
***
لا تكذب الأمم القويّة ، إنّها
باسم الحضارة ثقّفت خطّارها
و لتهنأ الأمم القوية . إنّها
قد أدركت ممّن تخادع ثارها
قالت : لقد بلّغتكم أوطاركم
و هي التي بلغت بنا أوطارها
يا عصبة الصيد الغطاريف الألى
حفظوا الجدود و خلدوا آثارها
هذي سيوف الفاتحين من البلى
قذ صنتم أجفانها و شفارها
جدّدتم عهد الحفاظ لأمّة
الله طهّر خيمها و نجارها
ارجعتم صور العروبة غضّة
فكأنكم ارجعتم إعصارها
و بعثتم أمم الجزيرة بعدما
طويت و حلل فذكم أطوارها
أنطقتم الصّور الجماد فخبّرت
عن شأنها و رويتم أخبارها
و سللتم صمصامها من غمده
متألّقا و جلوتم دينارها
و رفعتم ركن القضية عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
***
مرحى لناشئة الشام و مرحبا
بالنشء إن عثرت أقال عثارها
ألناهضين ليمنعوا ميراثها
و يجدّدوا علياءها و فخارها
هذي الرّبوع سررتم غيّابها
بجهادكم و حرستم حضّارها
أسهرتم جفن العدوّ و رحتم
ندمان كلّ فضيلة سمّارها
أرجعتم صور العروبة غضّة
فكأنّكم أرجعتم عصارها
و رفعتم ركن القضيّة عاليا
بجهادكم و كشفتم أسرارها
و أرى العدوّ دعاكم أغرارها
أفدي الذين دعاهم أغرارها
لا تفنطوا فلقد غرستم جنّة
تجني أكفّكم إذا أثمارها
و خذوا شعاركم القلى لعصابة
تخذت مولاة الغريب شعارها
نسيت عروبتها و لم تعشق بها
مئناف جنّات الحمى معطارها
أغفت على أعذارها ، فتريّثوا
ألله ليس بقابل أعذارها
حسب العروبة أنّكم لبّيتم
يوم النداء و كنتم أنصارها
بردى أدار عليكم صهباء
و جلت عرائسه لكم نوّارها
و اخجلتي للناكرين جميلها
و الثالمين مع العدوّ غررها
عقّوا البنين و ما سمعت بناقة
وطئت على مهد الصعيد حوارها
Eko- مشرف الرياضة
- عدد المساهمات : 1083
نقاط : 2904
تاريخ التسجيل : 29/12/2009
العمر : 32
اشعار بدوي الجبل
نا و هي
أقبل اللّيل فقومي وانثري
فوق هذا الرّوض من وجهك نورا
واقطفي لي وردة قبّلها
لؤلؤ الصبح نظيما ونثيرا
واملأي كأسك لي من ريقة
تسكر الأرواح طيبا و عبيرا
ورد خدّيك نضير مستح
فدعيني ألثم الورد النّضيرا
طهّر الحبّ فؤادي فغدا
كفؤاد الطفل يا ميّ طهورا
عمر النفس شعورا بالأسى
و الأسى يخلق في النفس الشعورا
***
إملأي المصباح زيتا و اتركي
لعبيد الوهم نور الكهرباء
وتغنّي بأناشيد الهوى
تسكر الأرواح ألحان الغناء
وارفعي للأفق عينيك تري
أيّ حسن و جلال في السماء
كوخنا يا ميّ في هذي الربى
لا تساميه قصور الأمراء
قد أمنّا قوّة الناس به
أيّ كسب عندنا للأقوياء
صعفاء نحن يا ميّ و ذا
كلّ ما نملك كفّ الضعفاء
***
إسمعي أخبار جنّات الرّبى
ودعينا من أحاديث البشر
بلبلي اليوم حزين صامت
ليت شعري أيّ ألف قد ذكر
و الرّياحين زهت و ابتسمت
حينما غازلها جفن المطر
ذلك الدّوح الذي ظلّلنا
داعبته الريح ليلا فانتثر
أشرق الصبح على زهر الربى
ناثرا لؤلؤه فيما نثر
فاقطفي ما شئت منها و ارفعي
فوق ذا المفرق تيجان الزّهر
***
لا تقولي : قصّ أنباء الورى
حسبنا أنباء هذي الزهرات
و اربإي بالسّمع عن أخبارهم
إنّها تدمي قلوب الفتيات
أمّة تقتل ظلما أختها
و غنيّ مستبدّ بالعفاة
ودماء خضبت وجه الثرى
ودموع كالغوادي جاريات
و شعوب باكيات تشتكي
عنت الأسر و أخرى ضاحكات
وحياة كلّ ما فيها أذى
لا سقى عهد الحيا هذي الحياة
***
إسمعي : لن تسمعي في أرضهم
غير أصوات عويل و بكاء
والد يبكي ابنه أودت به
في الوغى أطماع قوم أقوياء
ورؤوم فقدت واحدها
فتعزّت فيه عن حسن العزاء
ضحكات الأقوياء ارتفعت
و علا بالنوح صوت الضعفاء
أفسدوا الماء على شاربه
فغدا حسرة أكباد ظماء
كيف يروي غلّة الصادي و قد
مزجوه بشابيب الدماء
***
ميّ : عفوا ما لعينيك و هي
فيهما سلك اللآلي فانفرط
أما أحزنتك يا ميّ فهل
يغفر الرحمن لي هذا الشطط
إحسبيني كاذبا وابتسمي
ودعيني أرتشف هذي النقط
أدمع طاهرة ، ذوب الندى
فوق أكمام الأزاهير سقط
لا رعى الله قويّا فاتحا
المنايا ناشطات ما نشط
أنّت الثكلى فولّى ضاحكا
ورأى الأسياف تدمى فاغتبط
***
كفكفي دمعك يا ميّ فقد
جرحت قلبي هذي الأدمع
و تناسي عالم الشرّ فما
في هدى هذي البرايا مطمع
و اتركي القصر منيعا عاليا
حسبنا هذا الفضاء البلقع
و اقنعي : أشقى البرايا طامع
سادر في غيّه لا يقنع
تحت أغصان الدوالي بالربى
هيكل الحبّ الطّهور الأرفع
هيكل الحبّ الذي أجثو به
خاشعا : ما حبّ من لا يخشع ؟
***
ها هنا في الروض و الروض شذى
بيعة الله تضمّ المؤمنينا
فالبسي الإكليل يا ميّ فقد
أشرق الصبح على الدنيا مبينا
حفلة العرس و من زهر الربى
قد دعونا يا ابنة الخير مئينا
و طيور الروض يا فاتنتي
قد أقمناها مقام المنشدينا
أقبل البلبل فاجثي و اخشعي
و اتركي الأزهار يلثمن الجبينا
يا له من مؤمن يمنحنا
بركات الأتقياء الصالحينا
______________________
أني لا شمت بالجبار
يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا
رقّ الحديد و ما رقّوا لبلوانا
خلّ العتاب دموعا لا غناء بها
و عاتب القوم أشلاء و نيرانا
آمنت بالحقد يذكي من عزائمنا
و أبعد الله إشفاقا و تحنانا
ويل الشعوب التي لم تسق من دمها
ثاراتها الحمر أحقادا و أضغانا
ترنّح السوط في يمنى معذّبها
ريّان من دمها المسفوح سكرانا
تغضي على الذلّ غفرانا لظالمها
تأنّق الذلّ حتّى صار غفرانا
ثارات يعرب ظمأى في مراقدها
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا
ألا دم يتنزّى في سلافتها
أستغفر الثأر بل جفّت حميّانا
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصرا
و لا المثنّى على رايات شيبانا
أمّا الشام فلم تبق الخطوب بها
روحا أحبّ من التعمى و ريحانا
ألمّ و اللّيل قد أرخى ذوائبه
طيف من الشام حيّانا فأحيانا
حنا علينا ظماء في مناهلها
فأترع الكأس بالذكرى و عاطانا
تنضّر الورد و الريحان أدمعنا
و تسكب العطر و الصهباء نجوانا
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به
فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا
قد هان من عهدها ما كنت أحسبه
هوى الأحبّة في بغداد لا هانا
فمن رأى بنت مروان انحنت تعبا
من السلاسل يرحم بنت مروانا
أحنو على جرحها الدامي و أمسحه
عطرا تطيب به الدّنيا و إيمانا
أزكى من الطيب ريحانا و غالية
ما سال من دم قتلانا و جرحانا
هل في الشام و هل في القدس والدة
لا تشتكي الثكل إعوالا و إرنانا
تلك القبور و لو أنّي ألمّ بها
لم تعد عيناي أحبابا و إخوانا
يعطي الشّهيد فلا و الله ما شهدت
عيني كإحسانه في القوم إحسانا
و غاية الجود أن يسقي الثرى دمه
عند الكفاح و يلقى الله ظمآنا
و الحقّ و السّيف من طبع و من نسب
كلاهما يتلقّى الخطب عريانا
***
و الحزن في النّفس نبع لا يمرّ به
صاد من النّفس إلاّ عاد ريّانا
و الخير في الكون لو عرّيت جوهره
رأيته أدمعا حرّى و أحزانا
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها
هلاّ تذكّرت يا باريس شكوانا
و الخيل في المسجد المحزون جائلة
على المصلّين أشياخا و فتيانا
و الآمنين أفاقوا و القصور لظى
تهوي بها النّار بنيانا فبنيانا
رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة
كالعارض الجون تهدارا و تهتانا
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها
من الكرى قدر يشتدّ عجلانا
تدور في القصر عجلي و هي باكية
و تسحب الطيب أذيالا و أردانا
تجيل و النوم ظلّ في محاجرها
طرفا تهدهده الأحلام و سنانا
فلا ترى غير أنقاض مبعثرة
هوين فنا و تاريخا و أزمانا
تلك الفضائح قد سمّيتها ظفرا
هلاّ تكافأ يوم الرّوع سيفانا
نجابه الظلم سكران الظّبى أشرا
و لا سلاح لنا إلا سجايانا
إذا انفجرت من العدوان باكية
لطالما سمتنا بغيا و عدوانا
عشرين عاما شربنا الكأس مترعة
من الأذى فتملّي صرفها الآنا
ما للطواغيت في باريس قد مسخوا
على الأرائك خدّاما و أعوانا
الله أكبر هذا الكون أجمعه
لله لا لك تدبيرا و سلطانا
ضغينة تتنزّى في جوانحنا
ما كان أغناكم عنها و أغنانا
***
تفدى الشموس بضاح من مشارقها
هلال شعبان إذ حيّا بشعبانا
دوّت به الصرخة الزهراء فانتقضت
رمال مكّة أنجادا و كثبانا
و سال أبطحها بالخيل آبية
على الشكيم تريد الأفق ميدانا
و بالكتائب من فهر مقنّعة
تضاحك الشمس هنديّا و مرّانا
تململ الفاتحون الصيد و ازدلفوا
إلى السيوف زرافات و وحدانا
و للجياد صهيل في شكائمها
تكاد تشربه الصحراء ألحانا
السابقات و ما أرخوا أعنّتها
و الحاملات المنايا الحمر فرسانا
سفر من المجد راح الدهر يكتبه
و لا يضيق به جهرا و أمعانا
قرأت فيه الملوك الصيد حاشية
و الهاشميّين طغراء و عنوانا
شدّ الحسين على الطغيان مقتحما
فزلزل الله للطغيان بنيانا
نور النّبوة في ميمون غرّته
تكاد ترشفه الأجفان فرقانا
لاث العمامة للجلّى و لست أرى
إلاّ العمائم في الإسلام تيجانا
يا صاحب النّصر في الهيجاء كيف غدا
نصر المعارك عند السلم خذلانا
ترى السياسة لونا واحدا و يرى
لها حليفك أشكالا و ألوانا
لا تسأل القوم أيمانا مزوّقة
فقد عيينا بهم عهدا و أيمانا
أكرمت مجدك عن عتب هممت به
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا
***
ما للسّفينة لم ترفع مراسيها ؟
ألم تهيئ لها الأقدار ربّانا ؟
شقّي العواصف و الظلماء جارية
باسم الجزيرة مجرانا و مرسانا
ضمّي الأعاريب من بدو و من حضر
إنّي لألمح خلف الغيم طوفانا
يا من يدلّ علينا في كتائبه
نظار تطلع على الدنيا سرايانا
__________________________
أنني قدمت روحي في الضحايا
يا صبابا طال عهدي بالهوى
أو ترضين بهذا يا صبايا
إنّ في قلبي زوايا للمنى
هل يثور الحبّ من تلك الزّوايا
أرجعي كأسي يا فاتنتي
إنّ في كأسي من الخمر بقايا
رقدت روحي على أغنيّة
لخيالات الأماني و المنايا
فتلاشت مع صدى أنشودة
فرغت منها إلاهات الخطايا
يا إلهات الهوى لا تغضبي
إنّني قدّمت روحي في الضحايا
________________________
إلى أستاذي مصطفى الغلاييني
أتسمع أنّه صوت الشباب
فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز
يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ
من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب
و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس
و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى
على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري
و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد
سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا
و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها
و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ
هديتهم إلى النسب القراب
تؤلّف بينهم و تذود عنهم
ذياد الليث عن أشبال غاب
***
أتذكر في الشام لنا عهودا
معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات
من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا
من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي
إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول
فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي
و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني
فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي
خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا
و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو
إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي
جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا
و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما
فأغضي ، قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا
حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي
و جلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور
خبا لألآؤها تحت التراب
***
أتعذلني و قلبي في وجيب
من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى
فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه
رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا
تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي
و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي
إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي
و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن
إلى أدابك الغرّ انتسابي
***
____________________________
إلى الحبيبة الصغيرة
أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي
حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي
لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي
أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي
و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق
أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق
أقبل اللّيل فقومي وانثري
فوق هذا الرّوض من وجهك نورا
واقطفي لي وردة قبّلها
لؤلؤ الصبح نظيما ونثيرا
واملأي كأسك لي من ريقة
تسكر الأرواح طيبا و عبيرا
ورد خدّيك نضير مستح
فدعيني ألثم الورد النّضيرا
طهّر الحبّ فؤادي فغدا
كفؤاد الطفل يا ميّ طهورا
عمر النفس شعورا بالأسى
و الأسى يخلق في النفس الشعورا
***
إملأي المصباح زيتا و اتركي
لعبيد الوهم نور الكهرباء
وتغنّي بأناشيد الهوى
تسكر الأرواح ألحان الغناء
وارفعي للأفق عينيك تري
أيّ حسن و جلال في السماء
كوخنا يا ميّ في هذي الربى
لا تساميه قصور الأمراء
قد أمنّا قوّة الناس به
أيّ كسب عندنا للأقوياء
صعفاء نحن يا ميّ و ذا
كلّ ما نملك كفّ الضعفاء
***
إسمعي أخبار جنّات الرّبى
ودعينا من أحاديث البشر
بلبلي اليوم حزين صامت
ليت شعري أيّ ألف قد ذكر
و الرّياحين زهت و ابتسمت
حينما غازلها جفن المطر
ذلك الدّوح الذي ظلّلنا
داعبته الريح ليلا فانتثر
أشرق الصبح على زهر الربى
ناثرا لؤلؤه فيما نثر
فاقطفي ما شئت منها و ارفعي
فوق ذا المفرق تيجان الزّهر
***
لا تقولي : قصّ أنباء الورى
حسبنا أنباء هذي الزهرات
و اربإي بالسّمع عن أخبارهم
إنّها تدمي قلوب الفتيات
أمّة تقتل ظلما أختها
و غنيّ مستبدّ بالعفاة
ودماء خضبت وجه الثرى
ودموع كالغوادي جاريات
و شعوب باكيات تشتكي
عنت الأسر و أخرى ضاحكات
وحياة كلّ ما فيها أذى
لا سقى عهد الحيا هذي الحياة
***
إسمعي : لن تسمعي في أرضهم
غير أصوات عويل و بكاء
والد يبكي ابنه أودت به
في الوغى أطماع قوم أقوياء
ورؤوم فقدت واحدها
فتعزّت فيه عن حسن العزاء
ضحكات الأقوياء ارتفعت
و علا بالنوح صوت الضعفاء
أفسدوا الماء على شاربه
فغدا حسرة أكباد ظماء
كيف يروي غلّة الصادي و قد
مزجوه بشابيب الدماء
***
ميّ : عفوا ما لعينيك و هي
فيهما سلك اللآلي فانفرط
أما أحزنتك يا ميّ فهل
يغفر الرحمن لي هذا الشطط
إحسبيني كاذبا وابتسمي
ودعيني أرتشف هذي النقط
أدمع طاهرة ، ذوب الندى
فوق أكمام الأزاهير سقط
لا رعى الله قويّا فاتحا
المنايا ناشطات ما نشط
أنّت الثكلى فولّى ضاحكا
ورأى الأسياف تدمى فاغتبط
***
كفكفي دمعك يا ميّ فقد
جرحت قلبي هذي الأدمع
و تناسي عالم الشرّ فما
في هدى هذي البرايا مطمع
و اتركي القصر منيعا عاليا
حسبنا هذا الفضاء البلقع
و اقنعي : أشقى البرايا طامع
سادر في غيّه لا يقنع
تحت أغصان الدوالي بالربى
هيكل الحبّ الطّهور الأرفع
هيكل الحبّ الذي أجثو به
خاشعا : ما حبّ من لا يخشع ؟
***
ها هنا في الروض و الروض شذى
بيعة الله تضمّ المؤمنينا
فالبسي الإكليل يا ميّ فقد
أشرق الصبح على الدنيا مبينا
حفلة العرس و من زهر الربى
قد دعونا يا ابنة الخير مئينا
و طيور الروض يا فاتنتي
قد أقمناها مقام المنشدينا
أقبل البلبل فاجثي و اخشعي
و اتركي الأزهار يلثمن الجبينا
يا له من مؤمن يمنحنا
بركات الأتقياء الصالحينا
______________________
أني لا شمت بالجبار
يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا
رقّ الحديد و ما رقّوا لبلوانا
خلّ العتاب دموعا لا غناء بها
و عاتب القوم أشلاء و نيرانا
آمنت بالحقد يذكي من عزائمنا
و أبعد الله إشفاقا و تحنانا
ويل الشعوب التي لم تسق من دمها
ثاراتها الحمر أحقادا و أضغانا
ترنّح السوط في يمنى معذّبها
ريّان من دمها المسفوح سكرانا
تغضي على الذلّ غفرانا لظالمها
تأنّق الذلّ حتّى صار غفرانا
ثارات يعرب ظمأى في مراقدها
تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا
ألا دم يتنزّى في سلافتها
أستغفر الثأر بل جفّت حميّانا
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصرا
و لا المثنّى على رايات شيبانا
أمّا الشام فلم تبق الخطوب بها
روحا أحبّ من التعمى و ريحانا
ألمّ و اللّيل قد أرخى ذوائبه
طيف من الشام حيّانا فأحيانا
حنا علينا ظماء في مناهلها
فأترع الكأس بالذكرى و عاطانا
تنضّر الورد و الريحان أدمعنا
و تسكب العطر و الصهباء نجوانا
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به
فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا
قد هان من عهدها ما كنت أحسبه
هوى الأحبّة في بغداد لا هانا
فمن رأى بنت مروان انحنت تعبا
من السلاسل يرحم بنت مروانا
أحنو على جرحها الدامي و أمسحه
عطرا تطيب به الدّنيا و إيمانا
أزكى من الطيب ريحانا و غالية
ما سال من دم قتلانا و جرحانا
هل في الشام و هل في القدس والدة
لا تشتكي الثكل إعوالا و إرنانا
تلك القبور و لو أنّي ألمّ بها
لم تعد عيناي أحبابا و إخوانا
يعطي الشّهيد فلا و الله ما شهدت
عيني كإحسانه في القوم إحسانا
و غاية الجود أن يسقي الثرى دمه
عند الكفاح و يلقى الله ظمآنا
و الحقّ و السّيف من طبع و من نسب
كلاهما يتلقّى الخطب عريانا
***
و الحزن في النّفس نبع لا يمرّ به
صاد من النّفس إلاّ عاد ريّانا
و الخير في الكون لو عرّيت جوهره
رأيته أدمعا حرّى و أحزانا
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها
هلاّ تذكّرت يا باريس شكوانا
و الخيل في المسجد المحزون جائلة
على المصلّين أشياخا و فتيانا
و الآمنين أفاقوا و القصور لظى
تهوي بها النّار بنيانا فبنيانا
رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة
كالعارض الجون تهدارا و تهتانا
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها
من الكرى قدر يشتدّ عجلانا
تدور في القصر عجلي و هي باكية
و تسحب الطيب أذيالا و أردانا
تجيل و النوم ظلّ في محاجرها
طرفا تهدهده الأحلام و سنانا
فلا ترى غير أنقاض مبعثرة
هوين فنا و تاريخا و أزمانا
تلك الفضائح قد سمّيتها ظفرا
هلاّ تكافأ يوم الرّوع سيفانا
نجابه الظلم سكران الظّبى أشرا
و لا سلاح لنا إلا سجايانا
إذا انفجرت من العدوان باكية
لطالما سمتنا بغيا و عدوانا
عشرين عاما شربنا الكأس مترعة
من الأذى فتملّي صرفها الآنا
ما للطواغيت في باريس قد مسخوا
على الأرائك خدّاما و أعوانا
الله أكبر هذا الكون أجمعه
لله لا لك تدبيرا و سلطانا
ضغينة تتنزّى في جوانحنا
ما كان أغناكم عنها و أغنانا
***
تفدى الشموس بضاح من مشارقها
هلال شعبان إذ حيّا بشعبانا
دوّت به الصرخة الزهراء فانتقضت
رمال مكّة أنجادا و كثبانا
و سال أبطحها بالخيل آبية
على الشكيم تريد الأفق ميدانا
و بالكتائب من فهر مقنّعة
تضاحك الشمس هنديّا و مرّانا
تململ الفاتحون الصيد و ازدلفوا
إلى السيوف زرافات و وحدانا
و للجياد صهيل في شكائمها
تكاد تشربه الصحراء ألحانا
السابقات و ما أرخوا أعنّتها
و الحاملات المنايا الحمر فرسانا
سفر من المجد راح الدهر يكتبه
و لا يضيق به جهرا و أمعانا
قرأت فيه الملوك الصيد حاشية
و الهاشميّين طغراء و عنوانا
شدّ الحسين على الطغيان مقتحما
فزلزل الله للطغيان بنيانا
نور النّبوة في ميمون غرّته
تكاد ترشفه الأجفان فرقانا
لاث العمامة للجلّى و لست أرى
إلاّ العمائم في الإسلام تيجانا
يا صاحب النّصر في الهيجاء كيف غدا
نصر المعارك عند السلم خذلانا
ترى السياسة لونا واحدا و يرى
لها حليفك أشكالا و ألوانا
لا تسأل القوم أيمانا مزوّقة
فقد عيينا بهم عهدا و أيمانا
أكرمت مجدك عن عتب هممت به
لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا
***
ما للسّفينة لم ترفع مراسيها ؟
ألم تهيئ لها الأقدار ربّانا ؟
شقّي العواصف و الظلماء جارية
باسم الجزيرة مجرانا و مرسانا
ضمّي الأعاريب من بدو و من حضر
إنّي لألمح خلف الغيم طوفانا
يا من يدلّ علينا في كتائبه
نظار تطلع على الدنيا سرايانا
__________________________
أنني قدمت روحي في الضحايا
يا صبابا طال عهدي بالهوى
أو ترضين بهذا يا صبايا
إنّ في قلبي زوايا للمنى
هل يثور الحبّ من تلك الزّوايا
أرجعي كأسي يا فاتنتي
إنّ في كأسي من الخمر بقايا
رقدت روحي على أغنيّة
لخيالات الأماني و المنايا
فتلاشت مع صدى أنشودة
فرغت منها إلاهات الخطايا
يا إلهات الهوى لا تغضبي
إنّني قدّمت روحي في الضحايا
________________________
إلى أستاذي مصطفى الغلاييني
أتسمع أنّه صوت الشباب
فدته النفس من داع مجاب
و ما غير الشباب حمى عزيز
يرجّى للثواب و للعقاب
أبا النشء الجديد بنيت نشأ
من الأخلاق و الأدب اللباب
هنيئا ما أصابك من خطوب
و ما لاقيت من محن صعاب
و ما غالبت من زمن و ناس
و أنت الليث ينهد للغلاب
و أعوام الشبيبة و هي تطوى
على شمل شتيت و اغتراب
تجاهر بالحقيقة لا تداري
و تصدع بالنصيحة لا تحابي
تعهّدت الشباب فمن قصيد
سقيت به البيان إلى كتاب
دعوتهم إلى الفصحى فلبّوا
و بورك في الدعاء المستجاب
جلوت فتونها فهفوا إليها
و فلّت حدّة النّفر الغضاب
و ما اختلفوا على الأنساب إلاّ
هديتهم إلى النسب القراب
تؤلّف بينهم و تذود عنهم
ذياد الليث عن أشبال غاب
***
أتذكر في الشام لنا عهودا
معطّرة كأنفاس الكعاب
بدمّر لا السفوح معطّلات
من الغزل النديّ و لا الروابي
و هل عند الخمائل ما قطفنا
من الفتن المنوّرة العذاب
نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي
إل أفنانها النضر الرطاب
و ننشدها النسيب على ذبول
فيغنيها النسيب عن الرباب
ورود الشام تسكرها القوافي
و تهفو للتوجّع و العتاب
و تطرب للنديّ من المعاني
فتجزي بالظلال ز بالملاب
لئن نضرت خمائلها فإنّي
خلعت على خمائلها شبابي
و ودّعت الصبى فيها حميدا
و رحت أغشّ قلبي بالتّصابي
أحنّ إلى شبابي حين أهفو
إلى تلك المعالم و القباب
و من ينعم بصحبته فإنّي
جنى مرّ الإباء على صحابي
لدات طفولتي ذهبوا تباعا
و عاقتني الخطوب عن الذهاب
أسائل عنهم فأرى وجوما
فأغضي ، قد عثرت على الجواب
و أسمع للقبور صدى وجيعا
حنين الغائبين إلى الإياب
سقى تلك القبور دمي و دمعي
و جلّ القبر عن سقيا السحاب
و من فوق التراب فدى بدور
خبا لألآؤها تحت التراب
***
أتعذلني و قلبي في وجيب
من الذكرى و دمعي في انسكاب
فديتك إن بكيت أسى و ذكرى
فهذا الدمع لم يك في حسابي
و عيدك بهجة الدنيا عليه
رواء من شمائلك السوابي
صحبتك في الشام و كنت برّا
تخاطبني و تلطف في خطابي
تعلّمني الوسيم من القوافي
و تهديني القويم من الشّعاب
و تكرم مشهدي و تذود عنّي
إذا الحسّاد أنطقها غيابي
فتاك و إن تأوّلت الأعادي
و لجّت في أذاي و في اغتيابي
و غسّان العلى قومي و لكن
إلى أدابك الغرّ انتسابي
***
____________________________
إلى الحبيبة الصغيرة
أنا إن بعدت عن الدّيار فإنّني
يا ميّ قلبي في ديارك باقي
حبّي و إنّ شطّ النوى بمزاركم
حبّي و اشواقي لكم أشواقي
لا ترقبوا منّي تناسي عهدكم
إنّ الوفاء المحض من أخلاقي
أنا لست أخلف بالنوى ميثاقكم
أو تخلفون على النوى ميثاقي
و يريق أدمعي الصدود و إن يكن
دمعي لهول الموت غير مراق
أنا كالحسام إذا جلاه صاقل
يزداد إشراقا على إشراق
Eko- مشرف الرياضة
- عدد المساهمات : 1083
نقاط : 2904
تاريخ التسجيل : 29/12/2009
العمر : 32
وهذه بقية الاشعار ارجو ان تنال اعجابكم
إيه حكيم الدّهر
حلي النديّ كرامة للرّاح
عجيا اتسكرنا و أنت الصاحي
لك في السرائر بدعة مرموقة
أنس المقيم و جفوة النزّاح
مجد كآفاق السماء اذا انتهت
منه نواح بادهت بنواحي
الدّهر ملك العبقريّة وحدها
لا ملك جبّار و لا سفّاح
و الكون في أسراره و كنوزه
للفكر لا لوغى و لا لسلاح
ذرت السّنون الفاتحين كأنّهم
رمل تناوله مهبّ رياح
لا تصلح الدّنيا و يصلح امرها
إلاّ بفكر كالشعاع صراح
مرح على كيد الحياة و أهلها
يلقى شدائدها بأزهر ضاح
خير العقائد في هواي عقيدة
شمّاء ذات توثّب و جماح
تبني الحياة على هدى إيمانها
و العقل مثبت غيرها و الماحي
سكرى العقيدة أين من آفاقه
سكر العيون و أين سكر الراح
ملك الحياة فخلف كلّ ثنيّة
لليأس يكمن منه ألف طماح
شرف المعارك بالجراح و بالردى
فبدار قسطك من أذى و جراح
و احمل بكفّيك الحياة تحدّيا
منها لأول معتد بالسّاح
ألعمر من غيب القضاء خبيئة
فابسط مصون كنوزه بالرّاح
لا تشك من قصر الحياة فربّما
أغنت إشارتها عن الإفصاح
سفر الحياة إذا اكتفيت بمتنه
أغناك موجزه عن الشرّاح
و اختر لنفسك ميتة مرموقة
بين النّجوم على الأديم الصاحي
للموت في اللجج العميقة رهبة
شمخت بسؤددها على الضحضاح
حوّطت بالله العقيدة من أذى
خرقاء فاجرة اليمين وقاح
سكرت على كرم النديّ و عربدت
فاليوم لا خمري و لا أقداحي
لهو العيون و لا أقول قذاتها
و كل تكلّف زهوة المجتاح
مترنّح العطفين من خيلائه
ماذا تركت لغارة و كفاح
الله يعلم ما أردت شماتة
بمصرّعين من العياء طلاح
تأبى الشماتة في الضّعيف شمائلي
و تعفّ عن شلو الجريح صفاحي
و أنا الذي وسع الهموم حنانه
و بكى لكلّ معذّب ملتاح
أشقى لمن حمل الشقاء كأنّما
أتراح كلّ أخي هوى أتراحي
غسل الأسى قلبي و حسبك بالأسى
من غاسل حقد القلوب و ماحي
و وددت حين هوى جناح حمامة
لو حلّقت من خافقي بجناح
حبّ قد انتظم الوجود بأسره
أسد الشرى و حمامة الأدواح
***
أعمى تلفّتت العصور فما رأت
عند الشموس كنوزه اللّماح
نفذت بصيرته لأسرار الدّجى
فتبرّجت منها بألف صباح
من راح يحمل في جوانحه الضّحى
هانت عليه أشعّة المصباح
***
أمصوّر الدنيا جحيما فائرا
يرمي العصور بجمره اللّفّاح
هوّن عليك ففي النّفوس بقيّة
من رحمة و مروءة و سماح
خلف الخجير و عنفه و لهيبه
ما شئت من ظلّ و طيب نفاح
ضجّت ملائكة السّماء بساخر
مرّ الدعابة شاتم مدّاح
السخر فيه إذا أخذت بكفره
كالسخر حين تراه في النصّاح
نكب العقائد و الطّباع فيا لها
فتكات حتف كالقضاء متاح
و عدا على حرم السماء فيا له
فنحا أطلّ به على الفتّاح
عرّى السرائر و النّفوس ممزّقا
عنهنّ كلّ غلالة و وشاح
و جلا المصون من الضمائر فانتهى
همس النّفوس لضجّة و صياح
إن يقس في نقد الطباع فلم تكن
ترجى لرحمتها يد الجرّاح
إيه رهين المحبسين ألم يئن
إطلاق مأسور وفكّ سراح
ظفرت برحمتك الحياة وصنتها
عن كلّ ناعسة الجفون رداح
أتضيق بالأنثى و حبّك لم يضق
بالوحش بين سباسب و بطاح
يا ظالم التّفاح في وجناتها
لو ذقت بعض شمائل التفّاح
عطر أحبّ من المنى و غلالة
بدع فمن وهج و من أفراح
هي صورة لله عزّ و جلّ جلاله
عزّت نظائرها على الألواح
***
منحت بقدرته النعيم و لوّنت
أنواره جلّت يد المنّاح
ليت الهموم العبقريّة هدهدت
بحنان طيّبة اللّمى ممراح
لو أنّها نزلت على نعمى الهوى
نزلت مدلّلة بأكرم ساح
حرم على عسر الزمان و يسره
و حمى أمين السرب غير مباح
ما أحوج العقل الحكيم و همّه
و سع الحياة لصبوة و مراح
و لمن تدلّله و تسكر روحه
عند الهجير بظلّها النفّاح
أنثى إذا ضاقت سريرة نفسه
طلعت بآفاق عليه فساح
تسقى الهموم إذا وردن حنانها
بمعطّر كالسلسبيل قراح
وتردّهنّ عرائسا مجلوّة
كندى الصباح و كنّ غير صباح
للعبقريّة قسوة لولا الهوى
عصفت بكلّ عقيدة و صلاح
رعناء إن ترك الجمال عنانها
طاحت بفارس متنها الجحجاح
ما للشراع على العواصف حلية
إن لم تصرّفه يد الملاّح
***
إيه حكيم الدّهر أيّ مليحة
ضنّت عليك بعطرها الفوّاح
أسكنتها القلب الرّحيم فرابها
ما فيه من شكوى و رجع نواح
جرحت إباءك و الحياء فأقفلا
باب المنى و رميت بالمفتاح
لو أنصفت لسقتك خمرة ريقها
سكر العقول و فتنة الأرواح
و لأسعفتك على الهوى بمعطّر
بالحسن لا بشقائق و أقاح
لا تخف حبّك بالضغينة و الأذى
الحبّ جوهر حقدك الملحاح
و أطل هجاءك ما تشاء فخلفه
غرر منضّرة من الأمداح
العبقريّة و الجمال تحدّرا
من نبعة و تسلسلا من راح
أخوان ما طلع الضّحى لولاهما
إلاّ على العبرات و الأتراح
الظاّلمان المالكان و نعمة
ما أسلفا من زلّة و جناح
إنّ التي حرمتك نعمة حبّها
و أبيك عار كواعب و ملاح
لو كان في يديّ الزّمان و سرّه
و أعنّة الإمساء و الإصباح
في مشهد تكسو الوفود رحابه
و يغصّ بالغادين و الروّاح
لنزعت فتنتها و سحر جفونها
و محوت نور جبينها الوضّاح
و نثرت جوهر ثغرها من عقده
فصحاحه العطرات غير صحاح
و رددت للسبعين ريّق عمرها
و الحاليات من الصبا الممراح
و جلوت مرآتي .... فندّت صرخة
كلمى و غطّت خزيها بالرّاح
حتّى إذا أتمت ذلك كلّه
أشرفت انظر نظرة المرتاح
فثأرت من ظلم الجمال و ربّما
شمتت جراح في الثرى و أضاح
و إذا رأيتك ضقت فيه تنكّرت
للجدّ منه دعابتي و مزاحي
***
الوحدة الكبرى تهلّل فجرها
بظلال أبلج ذائد نفّاح
هذي العروبة في حماك مدلّة
ريع العدوّ بها و ضاق اللاّحي
الأزرق الرجراج حنّ لرملة
في الدّجلتين نديّة مسماح
و رأى الكنانة إن تماجد ما جدت
بالعاص لا بمنى و لا بفتاح
سمعا حكيم الدّهر فهي قصيدة
و أبيك بدع مغرّد صدّاح
عصماء إن شهد النديّ خطيبها
تركت فصاح القوم غير فصاح
بدهت شواردها العدى بكتيبة
خضراء تلمع بالحديد رداح
هل في ثراك على المعرّة موضع
بين العيون لدمعي السحّاح
حنت النّفوس عليه تسكب حبّها
فجلت براح البيد غير براح
ما للجياد الأعوجيّة حسّرا
صرعى الهجير على المدى الفيّاح
فاعذر إذا لم أوف مجدك حقّه
لجج الخضمّ طغت على السبّاح
______________________
المعبد المسحور
أيّها الضاحك الطّروب ألا تأسى
لهذي الدموع في عينيّا
أنا أبكي و كرّم الله و الحسن
عن الدّمع خدّك الورديّا
شوّه العاذلون عندك حبّي
لا عليهم فعار حبّي عليّا
قسموه بين البراءة و الإثم
و وحّدته أثيما بريّا
***
يا حبيبي دعني أقبّل خدّيك
و أشتفّ ثغرك اللؤلؤيّا
و تبذّل للحبّ سكرا و عريا
جسدا فاتنا و روحا غويّا
ألهوى جنّة بقلبي و الشهوة
نار حمراء في شفتيّا
***
مهرجان لمتعة الجسم حال
يرحم الله حبّنا العذريا
طاف بي طائف من المعبد المسحور
يدعو فقالت النفس هيّا
يا حبيبي و سحر عينيك يغنيني
أشاهدت سحره البابليّا
معبد للهوى الأثيم بنينا
الفجر فيه و المشرق الذهبيّا
و أقمنا على الكهانة فيه
و العبادات شاعرا عبقريّا
يتغنّى سكران بين عوار
رضيت عريها كسا و حليّا
و إذا يشتهي الأغانيّ يسمع
معبدا و الغريض و الموصليّا
و إذا حنّ للكرى فذراعان
و نهدان و ابتسام و ريّا
حالم فالزمان يرقب أمري
و المنى الحاليات طوع يديّا
و الرؤى عالم خفيّ أراه
عالما ضاحك السنا مرئيا
صوّرت قدرة الخيال من العسجد
و النّور كأسي الخزفيّا
ربّ حلم تناقلته اللّيالي
و الخيالات فاستحال نبيّا
________________________
اللهب القدسي
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به
و الحبّ أعنفه عندي و أوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته
أحلى من النور نعماه و بؤساه
غرّ و أرفع ما فيه غرارته
و أنذل الحبّ – جلّ الحبّ – أدهاه
ما الحسن إلاّ لبنات منمّقة
لكن يؤلهه أناّ عشقناه
لم يرده ألف جرح من فواجعه
حتّى أصيب بسهم منك أرداه
***
آمنت باللّهب القدسيّ مضرمه
أذكى الألوهة فينا حين أذكاه
نزيّن الروح قربانا لفتنته
و قد يضنّ فتستجدى مناياه
و لو أقام الضحايا من مصارعها
لآثرت موتها فيه ضحاياه
ألعبقرّيات وهج من لوافحه
و الشمس مجلوّة إحدى هداياه
و تلئهين بهدي من عقولهم
لو يمّموا اللّهب القدسيّ ما تاهوا
ما راعنا الدهر بالبلوى و غمرتها
لكنّنا بالإباء المرّ رعناه
إن نحمل الحزن لا شكوى و لا ملل
غدر الأحبّة حزن ما احتملناه
و ما رعانا على عصف الخطوب بنا
هوى حبيب رعيناه و نرعاه
ليت الذين و هبناهم سرائرنا
في زحمة الخطب أغلوا ما وهبناه
و لا وفاء لقلب حين نؤثره
حتى تكون رزايانا رزاياه
أشامت عند جلاّنا و ما نزلت
إلاّ على الحبّ و الإيثار جلاّه
هان و محنتي العصماء دامية
راو و من لوعتي الشمّاء سقياه
ما ضجّ في قلبه جرح فكابده
و لا ألمّ به وجد فعاناه
تضنّ باللّهفة الحرّى جوانحه
و القلب أخضبه بالنور أسخاه
فما ترشّفت إيمانا بمعبده
و لا شممت طيوبا في مصلاّه
ناء عن النّار لو طاف اللّهيب به
لوهّجت هذه الدّنيا شظاياه
قد هان حتّى سمت عنه ضغينتنا
فما حقدنا عليه بل رحمناه
يرضيه أن يتشفّى من مدامعنا
لم نبك منه و لكنّا بكيناه
حسب الأحبّة ذلاّ عار غدرهم
و حسبنا عزّة أنّا غفرناه
يهنيك أنّك في نعمى لمحنته
و أنّ غدرك قبل الدهر أشقاه
جاه خلقناه من ألوان قدرتنا
فكيف بكفر فينا من خلقناه
لو رفّ حبك في بيداء لاهبة
على الظماء رحيقا ما وردناه
حلوت طيفك عن عيني فأسلمه
إلى الدجى و إلى الإعصار مأواه
فيا لكنز شكت منه جواهره
و ضاع عن نفسه لمّا أضعناه
صحا الفؤاد الذي قطّعته مزقا
حرّى الجراح و لملمنا بقاياه
***
_____________________
الذكرى
لهيب من الذكرى و حقّك لا يخبو
متى يتلاقى بعد نأيهم الصحب
أحبّه قلبي إن بعدتم فما نأى
عن القلب لا الذكر الملحّ و لا الحبّ
على طيفكم أغمضت عيني و التقى
صيانا له في مقلتي الهدب و الهدب
جلوت القذى عنها وفاء لطيفكم
فأحلامها نعمى و مدمعها عذب
نزلتم من الذكرى بقلبي منزلا
يرفّ عليه النّور و الظلّ و الخصب
أراكم على بعد المزار فياله
حنينا تلاقى عنده البعد و القرب
و يدنيكم منه خيال مجنّح
هراقت عليه نورها الأنجم و الشهب
خيال يجوز الدّهر و الكون و المنى
و يطوي الغيوب النائيات و لا يكبو
فيا بعدها من غاية لم ترح بها
مطيّ و لا حطّ الرّحال بها ركب
و لله ما أوفى الخيال فبيننا
و بينكم منه الرّسائل و الكتب
يلمّ فيلقاكم و يشكو اليكم
من البعد ما نشكو و يصبو كما نصبو
و نظمأ لولا نهلة من رحيقه
أديرت فلا الساقي أفاق و لا الشرب
سلاف من الذكرى أديرت كؤوسها
فما شرب الندمان لكنّهم عبّوا
نعيتم فلم يخلص إلى القلب نعيكم
و لم تتقبّله البصيرة و اللّبّ
إذا مرّ وجه عابر رحت أجتلي
أساريره بشر عليهنّ أم رعب
لعلّ الذي ينعاكم كان كاذبا
فيا نعمة قد كان يحملها الكذب
يجسّ الطبيب النّبض حيران ذاهلا
و هيهات لا يغني الطبيب و لا الطبّ
و يرجو على اليأس المرير و إنّه
خداع الأماني و التعلّة و الحبّ
و للأهل أبصار روان تعلّقت
بعينيه إيجاب هنالك أم سلب
و صمت مرير دون ما فيه من أسى
بكاء الثكالى و التفجّع و الندب
فوارحمتا للنّاهلات من الصّبي
ألم يتهيّب من براءتها الخطب
غرائر من نعمى الدلال تلفّتت
فأعوزها عطف الأبوّة و الحدب
فيا للصّبي الهاني شجاني أنّه
حزين و من طبع الصبي اللهو اللّعب
فيا ربّ لا راع الطفولة رائع
و يا ربّ لا ألوى بنعمائها كرب
و يا ربّ للأطيار و الفجر و الندى
إذا شئت لا للعاصف الغصن الرطب
إذا نهلّ غرب من صغير جرى له
من الملإ الأعلى على صفوة غرب
إذا عبرات الطفل مرّت بمجدب
من النفس روّته ففارقه الجدب
دموع كعفو الله لو مرّ بردها
على الرّملة الحرّى لنضّرها العشب
و يا ربّ مر تصبح نسيما معطّرا
على كلّ محزون زعازعها النكب
و يا ربّ عندي من كنوزك حفنة
من الحبّ أذريها و لكنّها تربو
تمنّيت لو فاضت حنانا و رحمة
من الظالمين الخنزوانة و العجب
فلا يعوز الإنسان حبّ و نعمة
و لا يعوز الطّير الجداول و الحبّ
أرى الفرد لا يبقى و إن طال حكمه
و يبقى بقاء الحقّ و الزمن الشعب
و أشهد أنّ الظلم يردي فلو طغى
على السفح هضب شامخ زلزل الهضب
شكت جبروت الكثب حبّات رملها
إلى الله فانهارت مع العاصف الكثب
***
أبا أحمد هل يرفع الستر مرّة
عن الملأ الأعلى و تنكشف الحجب
و فزنا من النور المصون بلمحة
تقرّ بها عين و يندى بها قلب
و كشّف للأخرى صفاء مغيّب
حبيب إلى قلبي و لكنّه صعب
و لحت لنا في عالم الحقّ بدعة
من النّور يخبو كلّ حسن و لا تخبو
فرحنا نحيّي من نحبّ تحيةّ
تنازعها الشوق المبرّح و العتب
أتنأى فهلاّ وقفة يشتفي بها
خليل و يقضي حقّ لوعته صبّ
أتنأى و ما ودّعت أهلا و لا حمى
فأين الحنان السمح و الخلق الرّحب
***
أبا أحمد هذي المواكب أقبلت
يضيق بها شرق المنازل و الغرب
رأت بشرك المرموق في وجه أحمد
فللعين من نعمى طلاقته شرب
أبا أحمد في ذمّة الله صارم
من الحقّ لا يشكو الضراب و لا ينبو
يمان محلّى فهو في السلم زينة
و تكشف عنف الموت في حدّة الحرب
سقى الله بالذكرى على غير حاجة
و لا حاد عن أطيابها الغدق السكب
عهودا لنا كالنور أمّا نعيمها
فسمح لمن يهوى مفاتنه نهب
لبسن الصبى بردا فلا خزّ فارس
يدلّ و لا الديباج و الوشي و العصب
عهود نجيبات الأصائل و الضحى
و إن قلّ في الإنسان و الزّمن النجب
و لله ما أحلى مرابع لهونا
ينادم تربا في خمائلها ترب
ينيخ ذوو الحاجات فيها رحالهم
و تصهل في أفيائها الضمّر القبّ
أحنّ إذا فارقتني بعض ساعة
و تحمد في الحبّ اللّجاجة لا الغبّ
شببنا على محض الوفاء وصفوه
كذلك آبائي و آباؤكم شبّوا
و يجمعنا نجر قريب سمت به
لغسّان أقيال غطارفة نجب
و حب رمته في اللّهيب لصهره
صروف الليالي و القطيعة و الذنب
و كأس تساقينا ثلاثين حجّة
عذوبتها طبع و تقطيبها كسب
أشمّ عبيرا من ترابك عاطرا
أمنك استعار العطر و النضرة الترب
فحيّت ثراك المزن كفّك لا الحيا
و جادته بالسّقيا يمينك لا السحب
______________________
البلبل الصريع
بلبلي مات حبيسا باكيا
لوعة الشعر على ذاك الحبيس
فقد الصبح أناشيد الهوى
بعده و أنفرط العقد النفيس
عطّلوا المجلس يا سمّاره
و أريقوا يا نداماي الكؤوس
قد قضى اليوم جليسي و مضى
لا تطيب الخمر من غير جليس
ما لأغصان الرّبى من بعده
تتهادى عاريات و تميس
و عروس الزهر هل يضحكها
مشرق الشمس و قد مات العريس
ويل أمّ الظلم ثكلى دائما
فنيت طسم و لم تبق جديس
إنّما الدّنيا لمن كافحها
و مشى مستلئما وسط الخميس
بلبلي مات و لم تنج به
وصفه ((الرازي)) و لا طبّ ((الرئيس))
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا مالذي
أبقت الأحزان منّي للميس
***
عاش ما عاش طليقا بالربى
و الربى حسن و لون و عبير
يتغنّى بأناشيد الهوى
ناعما بالعمر و العمر قصير
يرسل الأشعار في الأيك كما
أرسل الشعر حبيب و جرير
فغدا اليوم أسيرا بعدما
كان حرا بين روض و غدير
إرحموه و اعطفوا ما شئتم
فأحقّ الناس بالعطف الأسير
هو يبكي و أنا أبكي أسى
و كلانا ذو شجون و شعور
من لباب البرّ قد أطعمته
و لقد أرشفته الماء النمير
و كسوت القفص الرحب الذرى
بالقباطيّ الموشّى و الحرير
غير أنّ الطير فاضت روحه
بين حزن و شهيق و زفير
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عني لميسا ما الذي
ابقت الأحزان مني للميس
***
أيّها الصيّاد لا تنصب له
شركا و اسمح بتقطيع الشرك
أيّها الصيّاد ما أعجزه
أيّها الصيّاد بل ما أقدرك
دعه حرا و استمع تغريده
هلّة الصبح و قل : ما أشعرك
دعه حرا فلقد صوّره
خالق الكون الذي قد صوّرك
جارك الأدنى دعاه ظما
و هجير فتفيّا شجرك
أنت سكران و لم تشرب طلا
إنّما البغي الذي أس***
تعس الصيّاد من ذي قسوة
جرّب الدنيا طويلا و عرك
مذ رأى البلبل في غفلته
صوّب السهم إليه و برك
فارتمى الطير صريعا و هوى
تاركا أفراخه فيما ترك
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي
ابقت الأحزان منّي للميس
حلي النديّ كرامة للرّاح
عجيا اتسكرنا و أنت الصاحي
لك في السرائر بدعة مرموقة
أنس المقيم و جفوة النزّاح
مجد كآفاق السماء اذا انتهت
منه نواح بادهت بنواحي
الدّهر ملك العبقريّة وحدها
لا ملك جبّار و لا سفّاح
و الكون في أسراره و كنوزه
للفكر لا لوغى و لا لسلاح
ذرت السّنون الفاتحين كأنّهم
رمل تناوله مهبّ رياح
لا تصلح الدّنيا و يصلح امرها
إلاّ بفكر كالشعاع صراح
مرح على كيد الحياة و أهلها
يلقى شدائدها بأزهر ضاح
خير العقائد في هواي عقيدة
شمّاء ذات توثّب و جماح
تبني الحياة على هدى إيمانها
و العقل مثبت غيرها و الماحي
سكرى العقيدة أين من آفاقه
سكر العيون و أين سكر الراح
ملك الحياة فخلف كلّ ثنيّة
لليأس يكمن منه ألف طماح
شرف المعارك بالجراح و بالردى
فبدار قسطك من أذى و جراح
و احمل بكفّيك الحياة تحدّيا
منها لأول معتد بالسّاح
ألعمر من غيب القضاء خبيئة
فابسط مصون كنوزه بالرّاح
لا تشك من قصر الحياة فربّما
أغنت إشارتها عن الإفصاح
سفر الحياة إذا اكتفيت بمتنه
أغناك موجزه عن الشرّاح
و اختر لنفسك ميتة مرموقة
بين النّجوم على الأديم الصاحي
للموت في اللجج العميقة رهبة
شمخت بسؤددها على الضحضاح
حوّطت بالله العقيدة من أذى
خرقاء فاجرة اليمين وقاح
سكرت على كرم النديّ و عربدت
فاليوم لا خمري و لا أقداحي
لهو العيون و لا أقول قذاتها
و كل تكلّف زهوة المجتاح
مترنّح العطفين من خيلائه
ماذا تركت لغارة و كفاح
الله يعلم ما أردت شماتة
بمصرّعين من العياء طلاح
تأبى الشماتة في الضّعيف شمائلي
و تعفّ عن شلو الجريح صفاحي
و أنا الذي وسع الهموم حنانه
و بكى لكلّ معذّب ملتاح
أشقى لمن حمل الشقاء كأنّما
أتراح كلّ أخي هوى أتراحي
غسل الأسى قلبي و حسبك بالأسى
من غاسل حقد القلوب و ماحي
و وددت حين هوى جناح حمامة
لو حلّقت من خافقي بجناح
حبّ قد انتظم الوجود بأسره
أسد الشرى و حمامة الأدواح
***
أعمى تلفّتت العصور فما رأت
عند الشموس كنوزه اللّماح
نفذت بصيرته لأسرار الدّجى
فتبرّجت منها بألف صباح
من راح يحمل في جوانحه الضّحى
هانت عليه أشعّة المصباح
***
أمصوّر الدنيا جحيما فائرا
يرمي العصور بجمره اللّفّاح
هوّن عليك ففي النّفوس بقيّة
من رحمة و مروءة و سماح
خلف الخجير و عنفه و لهيبه
ما شئت من ظلّ و طيب نفاح
ضجّت ملائكة السّماء بساخر
مرّ الدعابة شاتم مدّاح
السخر فيه إذا أخذت بكفره
كالسخر حين تراه في النصّاح
نكب العقائد و الطّباع فيا لها
فتكات حتف كالقضاء متاح
و عدا على حرم السماء فيا له
فنحا أطلّ به على الفتّاح
عرّى السرائر و النّفوس ممزّقا
عنهنّ كلّ غلالة و وشاح
و جلا المصون من الضمائر فانتهى
همس النّفوس لضجّة و صياح
إن يقس في نقد الطباع فلم تكن
ترجى لرحمتها يد الجرّاح
إيه رهين المحبسين ألم يئن
إطلاق مأسور وفكّ سراح
ظفرت برحمتك الحياة وصنتها
عن كلّ ناعسة الجفون رداح
أتضيق بالأنثى و حبّك لم يضق
بالوحش بين سباسب و بطاح
يا ظالم التّفاح في وجناتها
لو ذقت بعض شمائل التفّاح
عطر أحبّ من المنى و غلالة
بدع فمن وهج و من أفراح
هي صورة لله عزّ و جلّ جلاله
عزّت نظائرها على الألواح
***
منحت بقدرته النعيم و لوّنت
أنواره جلّت يد المنّاح
ليت الهموم العبقريّة هدهدت
بحنان طيّبة اللّمى ممراح
لو أنّها نزلت على نعمى الهوى
نزلت مدلّلة بأكرم ساح
حرم على عسر الزمان و يسره
و حمى أمين السرب غير مباح
ما أحوج العقل الحكيم و همّه
و سع الحياة لصبوة و مراح
و لمن تدلّله و تسكر روحه
عند الهجير بظلّها النفّاح
أنثى إذا ضاقت سريرة نفسه
طلعت بآفاق عليه فساح
تسقى الهموم إذا وردن حنانها
بمعطّر كالسلسبيل قراح
وتردّهنّ عرائسا مجلوّة
كندى الصباح و كنّ غير صباح
للعبقريّة قسوة لولا الهوى
عصفت بكلّ عقيدة و صلاح
رعناء إن ترك الجمال عنانها
طاحت بفارس متنها الجحجاح
ما للشراع على العواصف حلية
إن لم تصرّفه يد الملاّح
***
إيه حكيم الدّهر أيّ مليحة
ضنّت عليك بعطرها الفوّاح
أسكنتها القلب الرّحيم فرابها
ما فيه من شكوى و رجع نواح
جرحت إباءك و الحياء فأقفلا
باب المنى و رميت بالمفتاح
لو أنصفت لسقتك خمرة ريقها
سكر العقول و فتنة الأرواح
و لأسعفتك على الهوى بمعطّر
بالحسن لا بشقائق و أقاح
لا تخف حبّك بالضغينة و الأذى
الحبّ جوهر حقدك الملحاح
و أطل هجاءك ما تشاء فخلفه
غرر منضّرة من الأمداح
العبقريّة و الجمال تحدّرا
من نبعة و تسلسلا من راح
أخوان ما طلع الضّحى لولاهما
إلاّ على العبرات و الأتراح
الظاّلمان المالكان و نعمة
ما أسلفا من زلّة و جناح
إنّ التي حرمتك نعمة حبّها
و أبيك عار كواعب و ملاح
لو كان في يديّ الزّمان و سرّه
و أعنّة الإمساء و الإصباح
في مشهد تكسو الوفود رحابه
و يغصّ بالغادين و الروّاح
لنزعت فتنتها و سحر جفونها
و محوت نور جبينها الوضّاح
و نثرت جوهر ثغرها من عقده
فصحاحه العطرات غير صحاح
و رددت للسبعين ريّق عمرها
و الحاليات من الصبا الممراح
و جلوت مرآتي .... فندّت صرخة
كلمى و غطّت خزيها بالرّاح
حتّى إذا أتمت ذلك كلّه
أشرفت انظر نظرة المرتاح
فثأرت من ظلم الجمال و ربّما
شمتت جراح في الثرى و أضاح
و إذا رأيتك ضقت فيه تنكّرت
للجدّ منه دعابتي و مزاحي
***
الوحدة الكبرى تهلّل فجرها
بظلال أبلج ذائد نفّاح
هذي العروبة في حماك مدلّة
ريع العدوّ بها و ضاق اللاّحي
الأزرق الرجراج حنّ لرملة
في الدّجلتين نديّة مسماح
و رأى الكنانة إن تماجد ما جدت
بالعاص لا بمنى و لا بفتاح
سمعا حكيم الدّهر فهي قصيدة
و أبيك بدع مغرّد صدّاح
عصماء إن شهد النديّ خطيبها
تركت فصاح القوم غير فصاح
بدهت شواردها العدى بكتيبة
خضراء تلمع بالحديد رداح
هل في ثراك على المعرّة موضع
بين العيون لدمعي السحّاح
حنت النّفوس عليه تسكب حبّها
فجلت براح البيد غير براح
ما للجياد الأعوجيّة حسّرا
صرعى الهجير على المدى الفيّاح
فاعذر إذا لم أوف مجدك حقّه
لجج الخضمّ طغت على السبّاح
______________________
المعبد المسحور
أيّها الضاحك الطّروب ألا تأسى
لهذي الدموع في عينيّا
أنا أبكي و كرّم الله و الحسن
عن الدّمع خدّك الورديّا
شوّه العاذلون عندك حبّي
لا عليهم فعار حبّي عليّا
قسموه بين البراءة و الإثم
و وحّدته أثيما بريّا
***
يا حبيبي دعني أقبّل خدّيك
و أشتفّ ثغرك اللؤلؤيّا
و تبذّل للحبّ سكرا و عريا
جسدا فاتنا و روحا غويّا
ألهوى جنّة بقلبي و الشهوة
نار حمراء في شفتيّا
***
مهرجان لمتعة الجسم حال
يرحم الله حبّنا العذريا
طاف بي طائف من المعبد المسحور
يدعو فقالت النفس هيّا
يا حبيبي و سحر عينيك يغنيني
أشاهدت سحره البابليّا
معبد للهوى الأثيم بنينا
الفجر فيه و المشرق الذهبيّا
و أقمنا على الكهانة فيه
و العبادات شاعرا عبقريّا
يتغنّى سكران بين عوار
رضيت عريها كسا و حليّا
و إذا يشتهي الأغانيّ يسمع
معبدا و الغريض و الموصليّا
و إذا حنّ للكرى فذراعان
و نهدان و ابتسام و ريّا
حالم فالزمان يرقب أمري
و المنى الحاليات طوع يديّا
و الرؤى عالم خفيّ أراه
عالما ضاحك السنا مرئيا
صوّرت قدرة الخيال من العسجد
و النّور كأسي الخزفيّا
ربّ حلم تناقلته اللّيالي
و الخيالات فاستحال نبيّا
________________________
اللهب القدسي
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به
و الحبّ أعنفه عندي و أوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته
أحلى من النور نعماه و بؤساه
غرّ و أرفع ما فيه غرارته
و أنذل الحبّ – جلّ الحبّ – أدهاه
ما الحسن إلاّ لبنات منمّقة
لكن يؤلهه أناّ عشقناه
لم يرده ألف جرح من فواجعه
حتّى أصيب بسهم منك أرداه
***
آمنت باللّهب القدسيّ مضرمه
أذكى الألوهة فينا حين أذكاه
نزيّن الروح قربانا لفتنته
و قد يضنّ فتستجدى مناياه
و لو أقام الضحايا من مصارعها
لآثرت موتها فيه ضحاياه
ألعبقرّيات وهج من لوافحه
و الشمس مجلوّة إحدى هداياه
و تلئهين بهدي من عقولهم
لو يمّموا اللّهب القدسيّ ما تاهوا
ما راعنا الدهر بالبلوى و غمرتها
لكنّنا بالإباء المرّ رعناه
إن نحمل الحزن لا شكوى و لا ملل
غدر الأحبّة حزن ما احتملناه
و ما رعانا على عصف الخطوب بنا
هوى حبيب رعيناه و نرعاه
ليت الذين و هبناهم سرائرنا
في زحمة الخطب أغلوا ما وهبناه
و لا وفاء لقلب حين نؤثره
حتى تكون رزايانا رزاياه
أشامت عند جلاّنا و ما نزلت
إلاّ على الحبّ و الإيثار جلاّه
هان و محنتي العصماء دامية
راو و من لوعتي الشمّاء سقياه
ما ضجّ في قلبه جرح فكابده
و لا ألمّ به وجد فعاناه
تضنّ باللّهفة الحرّى جوانحه
و القلب أخضبه بالنور أسخاه
فما ترشّفت إيمانا بمعبده
و لا شممت طيوبا في مصلاّه
ناء عن النّار لو طاف اللّهيب به
لوهّجت هذه الدّنيا شظاياه
قد هان حتّى سمت عنه ضغينتنا
فما حقدنا عليه بل رحمناه
يرضيه أن يتشفّى من مدامعنا
لم نبك منه و لكنّا بكيناه
حسب الأحبّة ذلاّ عار غدرهم
و حسبنا عزّة أنّا غفرناه
يهنيك أنّك في نعمى لمحنته
و أنّ غدرك قبل الدهر أشقاه
جاه خلقناه من ألوان قدرتنا
فكيف بكفر فينا من خلقناه
لو رفّ حبك في بيداء لاهبة
على الظماء رحيقا ما وردناه
حلوت طيفك عن عيني فأسلمه
إلى الدجى و إلى الإعصار مأواه
فيا لكنز شكت منه جواهره
و ضاع عن نفسه لمّا أضعناه
صحا الفؤاد الذي قطّعته مزقا
حرّى الجراح و لملمنا بقاياه
***
_____________________
الذكرى
لهيب من الذكرى و حقّك لا يخبو
متى يتلاقى بعد نأيهم الصحب
أحبّه قلبي إن بعدتم فما نأى
عن القلب لا الذكر الملحّ و لا الحبّ
على طيفكم أغمضت عيني و التقى
صيانا له في مقلتي الهدب و الهدب
جلوت القذى عنها وفاء لطيفكم
فأحلامها نعمى و مدمعها عذب
نزلتم من الذكرى بقلبي منزلا
يرفّ عليه النّور و الظلّ و الخصب
أراكم على بعد المزار فياله
حنينا تلاقى عنده البعد و القرب
و يدنيكم منه خيال مجنّح
هراقت عليه نورها الأنجم و الشهب
خيال يجوز الدّهر و الكون و المنى
و يطوي الغيوب النائيات و لا يكبو
فيا بعدها من غاية لم ترح بها
مطيّ و لا حطّ الرّحال بها ركب
و لله ما أوفى الخيال فبيننا
و بينكم منه الرّسائل و الكتب
يلمّ فيلقاكم و يشكو اليكم
من البعد ما نشكو و يصبو كما نصبو
و نظمأ لولا نهلة من رحيقه
أديرت فلا الساقي أفاق و لا الشرب
سلاف من الذكرى أديرت كؤوسها
فما شرب الندمان لكنّهم عبّوا
نعيتم فلم يخلص إلى القلب نعيكم
و لم تتقبّله البصيرة و اللّبّ
إذا مرّ وجه عابر رحت أجتلي
أساريره بشر عليهنّ أم رعب
لعلّ الذي ينعاكم كان كاذبا
فيا نعمة قد كان يحملها الكذب
يجسّ الطبيب النّبض حيران ذاهلا
و هيهات لا يغني الطبيب و لا الطبّ
و يرجو على اليأس المرير و إنّه
خداع الأماني و التعلّة و الحبّ
و للأهل أبصار روان تعلّقت
بعينيه إيجاب هنالك أم سلب
و صمت مرير دون ما فيه من أسى
بكاء الثكالى و التفجّع و الندب
فوارحمتا للنّاهلات من الصّبي
ألم يتهيّب من براءتها الخطب
غرائر من نعمى الدلال تلفّتت
فأعوزها عطف الأبوّة و الحدب
فيا للصّبي الهاني شجاني أنّه
حزين و من طبع الصبي اللهو اللّعب
فيا ربّ لا راع الطفولة رائع
و يا ربّ لا ألوى بنعمائها كرب
و يا ربّ للأطيار و الفجر و الندى
إذا شئت لا للعاصف الغصن الرطب
إذا نهلّ غرب من صغير جرى له
من الملإ الأعلى على صفوة غرب
إذا عبرات الطفل مرّت بمجدب
من النفس روّته ففارقه الجدب
دموع كعفو الله لو مرّ بردها
على الرّملة الحرّى لنضّرها العشب
و يا ربّ مر تصبح نسيما معطّرا
على كلّ محزون زعازعها النكب
و يا ربّ عندي من كنوزك حفنة
من الحبّ أذريها و لكنّها تربو
تمنّيت لو فاضت حنانا و رحمة
من الظالمين الخنزوانة و العجب
فلا يعوز الإنسان حبّ و نعمة
و لا يعوز الطّير الجداول و الحبّ
أرى الفرد لا يبقى و إن طال حكمه
و يبقى بقاء الحقّ و الزمن الشعب
و أشهد أنّ الظلم يردي فلو طغى
على السفح هضب شامخ زلزل الهضب
شكت جبروت الكثب حبّات رملها
إلى الله فانهارت مع العاصف الكثب
***
أبا أحمد هل يرفع الستر مرّة
عن الملأ الأعلى و تنكشف الحجب
و فزنا من النور المصون بلمحة
تقرّ بها عين و يندى بها قلب
و كشّف للأخرى صفاء مغيّب
حبيب إلى قلبي و لكنّه صعب
و لحت لنا في عالم الحقّ بدعة
من النّور يخبو كلّ حسن و لا تخبو
فرحنا نحيّي من نحبّ تحيةّ
تنازعها الشوق المبرّح و العتب
أتنأى فهلاّ وقفة يشتفي بها
خليل و يقضي حقّ لوعته صبّ
أتنأى و ما ودّعت أهلا و لا حمى
فأين الحنان السمح و الخلق الرّحب
***
أبا أحمد هذي المواكب أقبلت
يضيق بها شرق المنازل و الغرب
رأت بشرك المرموق في وجه أحمد
فللعين من نعمى طلاقته شرب
أبا أحمد في ذمّة الله صارم
من الحقّ لا يشكو الضراب و لا ينبو
يمان محلّى فهو في السلم زينة
و تكشف عنف الموت في حدّة الحرب
سقى الله بالذكرى على غير حاجة
و لا حاد عن أطيابها الغدق السكب
عهودا لنا كالنور أمّا نعيمها
فسمح لمن يهوى مفاتنه نهب
لبسن الصبى بردا فلا خزّ فارس
يدلّ و لا الديباج و الوشي و العصب
عهود نجيبات الأصائل و الضحى
و إن قلّ في الإنسان و الزّمن النجب
و لله ما أحلى مرابع لهونا
ينادم تربا في خمائلها ترب
ينيخ ذوو الحاجات فيها رحالهم
و تصهل في أفيائها الضمّر القبّ
أحنّ إذا فارقتني بعض ساعة
و تحمد في الحبّ اللّجاجة لا الغبّ
شببنا على محض الوفاء وصفوه
كذلك آبائي و آباؤكم شبّوا
و يجمعنا نجر قريب سمت به
لغسّان أقيال غطارفة نجب
و حب رمته في اللّهيب لصهره
صروف الليالي و القطيعة و الذنب
و كأس تساقينا ثلاثين حجّة
عذوبتها طبع و تقطيبها كسب
أشمّ عبيرا من ترابك عاطرا
أمنك استعار العطر و النضرة الترب
فحيّت ثراك المزن كفّك لا الحيا
و جادته بالسّقيا يمينك لا السحب
______________________
البلبل الصريع
بلبلي مات حبيسا باكيا
لوعة الشعر على ذاك الحبيس
فقد الصبح أناشيد الهوى
بعده و أنفرط العقد النفيس
عطّلوا المجلس يا سمّاره
و أريقوا يا نداماي الكؤوس
قد قضى اليوم جليسي و مضى
لا تطيب الخمر من غير جليس
ما لأغصان الرّبى من بعده
تتهادى عاريات و تميس
و عروس الزهر هل يضحكها
مشرق الشمس و قد مات العريس
ويل أمّ الظلم ثكلى دائما
فنيت طسم و لم تبق جديس
إنّما الدّنيا لمن كافحها
و مشى مستلئما وسط الخميس
بلبلي مات و لم تنج به
وصفه ((الرازي)) و لا طبّ ((الرئيس))
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا مالذي
أبقت الأحزان منّي للميس
***
عاش ما عاش طليقا بالربى
و الربى حسن و لون و عبير
يتغنّى بأناشيد الهوى
ناعما بالعمر و العمر قصير
يرسل الأشعار في الأيك كما
أرسل الشعر حبيب و جرير
فغدا اليوم أسيرا بعدما
كان حرا بين روض و غدير
إرحموه و اعطفوا ما شئتم
فأحقّ الناس بالعطف الأسير
هو يبكي و أنا أبكي أسى
و كلانا ذو شجون و شعور
من لباب البرّ قد أطعمته
و لقد أرشفته الماء النمير
و كسوت القفص الرحب الذرى
بالقباطيّ الموشّى و الحرير
غير أنّ الطير فاضت روحه
بين حزن و شهيق و زفير
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عني لميسا ما الذي
ابقت الأحزان مني للميس
***
أيّها الصيّاد لا تنصب له
شركا و اسمح بتقطيع الشرك
أيّها الصيّاد ما أعجزه
أيّها الصيّاد بل ما أقدرك
دعه حرا و استمع تغريده
هلّة الصبح و قل : ما أشعرك
دعه حرا فلقد صوّره
خالق الكون الذي قد صوّرك
جارك الأدنى دعاه ظما
و هجير فتفيّا شجرك
أنت سكران و لم تشرب طلا
إنّما البغي الذي أس***
تعس الصيّاد من ذي قسوة
جرّب الدنيا طويلا و عرك
مذ رأى البلبل في غفلته
صوّب السهم إليه و برك
فارتمى الطير صريعا و هوى
تاركا أفراخه فيما ترك
***
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي
ابقت الأحزان منّي للميس
Eko- مشرف الرياضة
- عدد المساهمات : 1083
نقاط : 2904
تاريخ التسجيل : 29/12/2009
العمر : 32
مواضيع مماثلة
» ديوان الشاعر محمود سامي البارودي اهداء الى عضوينا الجدد (ريح الشمال_w11w )
» اروع اشعار الشاعر (عباس جيجان)
» اروع اشعار الشاعر الكبير جبار رشيد
» زوايــا عمــري تنتــظرك == اشعار عراقية - قصائد - اشعار الحب - اشعار حزينة
» اجمل اشعار الشاعر الكبير ايهاب المالكي
» اروع اشعار الشاعر (عباس جيجان)
» اروع اشعار الشاعر الكبير جبار رشيد
» زوايــا عمــري تنتــظرك == اشعار عراقية - قصائد - اشعار الحب - اشعار حزينة
» اجمل اشعار الشاعر الكبير ايهاب المالكي
منتديات نبع الرومانسية :: المنتديات الادبية, اشعار - قصص - ابوذيات - اشعار عراقية :: اشعار عراقية - قصائد - اشعار الحب - اشعار حزينة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس نوفمبر 04, 2021 4:01 am من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الخميس نوفمبر 04, 2021 3:57 am من طرف اسماء البحيري
» رد المطلقه المعالج الروحاني الكبير0020122935477اقوي شيخ ومعالج روحاني لجلب الحبيب
الخميس نوفمبر 04, 2021 3:53 am من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الخميس نوفمبر 04, 2021 3:48 am من طرف اسماء البحيري
» رد المطلقه المعالج الروحاني الكبير0020122935477اقوي شيخ ومعالج روحاني لجلب الحبيب
الخميس نوفمبر 04, 2021 3:43 am من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الإثنين أغسطس 23, 2021 10:54 pm من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الإثنين أغسطس 23, 2021 8:14 am من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الإثنين أغسطس 23, 2021 8:10 am من طرف اسماء البحيري
» جلب الحبيب_علاج السحر_رد المطلقة_زواج البنات_شيخ روحاني 00201222935477
الإثنين أغسطس 23, 2021 8:06 am من طرف اسماء البحيري